الرئيسة ›برامج›مقاصد الحج›مقاصد الحج [7] مقاصد الحج [7] الأربعاء 22 ذو الحجة 1425هـ طباعة د. سلمان العودة 608 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص مقصد الوحدة بين المسلمين من خلال شعيرة الحج وسائر العبادات المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحلقة السادسة. بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلاً ومرحباً بكم إلى هذا اللقاء المبارك ضمن لقاءات برنامجكم: (مقاصد الحج)، والذي نستضيف من خلاله فضيلة الشيخ الدكتور: سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع ومؤسسة الإسلام اليوم، والمفكر الإسلامي.باسمكم جميعاً نرحب بالشيخ سلمان، أهلاً ومرحباً بكم.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: يا مرحباً، حياكم الله جميعاً. المقدم: ما زال الحديث موصولاً في حلقات هذا البرنامج معكم شيخ سلمان ومع الإخوة المستمعين للحديث حول بعض من المقاصد التي نستقيها من أداء هذه الشعيرة المباركة شعيرة الحج، ولعلنا نأخذ معكم في هذه الحلقة أحد هذه المقاصد، تفضل يا شيخ. دور العبادات في ترسيخ قوائم الوحدة الإسلامية الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين.كثيراً ما أتأمل في قول الله سبحانه وتعالى: (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92]، (( وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ))[المؤمنون:52]، وأتأمل في النصوص القرآنية العظيمة التي كرست معنى الوحدة بين المسلمين كما في قول الله سبحانه وتعالى: (( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ))[آل عمران:103].وكما في قوله سبحانه: (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ))[آل عمران:103].وكما في الآية التي أشرنا إليها مما يدعو إلى الوحدة الإسلامية، وأعتقد أن الشعائر التعبدية تكرس هذه الوحدة، على سبيل المثال: الصلاة، فاتحاد المسلمين في استقبال الكعبة والتوجه إليها، في صفة الصلاة، في صف المسلمين بعضهم إلى بعض، في صفوف منضبطة موحدة، في الأذان الموحد في العالم كله مثلاً.كذلك الزكاة وما تكرسه من معاني الصفاء والوحدة بين المسلمين.الصوم الذي يفترض أن يكون من معاني الوحدة، حتى إنني أفضل أن يصوم المسلمون سواءً، وأن يفطروا سواءً، وأن يكونوا في صومهم، وفي عيدهم وفرحهم في يوم واحد، بدلاً من أن يتفرقوا، وأنك تجد في بعض البلاد الإسلامية خصوصاً في بلاد في أستراليا، في أوروبا، في أمريكا أنك تجد المسلمين في المركز الواحد منهم الصائم ومنهم المفطر في رمضان، ثم في العيد تجد منهم من يصلي العيد، ومنهم من يكمل صيام رمضان وهم في مدينة واحدة، بل في مسجد واحد، وهذا أمر محزن جداً، وأما الخلاف داخل العالم الإسلامي في اختلاف الأعياد، واختلاف الصيام والرؤية، فهذا أيضاً أمر يدعو إلى الحيرة، ويثير الحزن، ويؤكد أنه أصبح من الضرورة بمكان في ظل التغيرات، وفي ظل التحديات المعاصرة أن يتدبر المسلمون أمرهم، وأن يتفقوا على كلمة سواء في مثل هذه العبادات. دور الحج خصوصاً في ترسيخ قوائم الوحدة الإسلامية الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ثم تأتي إلى الحج، فمن رحمة الله سبحانه وتعالى ... في الحج؛ لأن الحج اجتماع في مكان واحد الذي هو يوم عرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الحج عرفة ) أن المسلمين لا يختلفون في تحديد عرفة من حيث مكانها، ولكنهم في العالم كله قد يختلفون في تحديد حتى يوم عيد الأضحى تجد هناك تفاوتاً بين المسلمين، وهذا أمر أيضاً يجب أن ينتهي، إنما تجد هذا التوحيد في يوم عرفة، أن يقف المسلمون كلهم في صعيد واحد، ثم تجد أيضاً أن تلبيتهم واحدة، بل تجد أدق من ذلك: أن اللباس الذي يلبسونه واحد، فكلهم يحرمون في إزار ورداء، ويرددون كلمة واحدة، ويمارسون تعبداً واحداً، ويطوفون بكعبة واحدة، ويستقبلونها في صلاتهم وعبادتهم، وقبل ذلك كله يعبدون رباً واحداً، ويلتون كتاباً واحداً، ويتبعون نبياً واحداً صلى الله عليه وآله وسلم. فحقيقة من حقنا أن نستغرب وأن نندهش وأن نتساءل، وأن نتهم أنفسنا قبل غيرنا، أنه إذا كانت كل هذه المعاني مما تفيضه علينا عبادة الحج، فلماذا يكون المسلم دائماً هو رمز للانشقاق، ورمز للتفرق، وأن يكون هناك تركيز وعناية في كثير من الأحيان بافتعال جوانب الخلاف بيننا أكثر من مراعاة جوانب الاتفاق، فأنا لو نظرت يعني بيني وبينك إلى هذه العوامل التي توحدنا سأشعر بكثير من الود معك والانسجام والانبساط والأخوة، وسوف أشعر أنك أقرب وأدنى إلي من الآخرين الذين لا تربطني معهم هذه الروابط، بينما تجد أن المسلم اليوم إذا التقى بأخيه في الواقع نعم أنه ربما يعتني بالبحث عن عوامل الاختلاف، حتى إنه قد يصلي إلى جنب أخيه فبدلاً من أن يستشعر الوحدة بكوننا نصلي معاً، ونستقبل القبلة الواحدة ونكبر ونتبع إماماً واحداً إنك تجده يلاحظ الفروقات في العبادة في الصلاة بينه وبين أخيه، كيف يركع؟ كيف يقوم؟ كيف يسجد؟.. إلى غير ذلك من الفروقات العملية الفرعية اليسيرة التي اختلف فيها الصحابة، واختلف فيها الأئمة، والأمر فيها مداره على التيسير، وعلى السهولة، وعلى الاجتهاد، وعلى الاختلاف، فيضخم هذا الأمر حتى إنه يطيح بما أحدثته تلك الصلاة من محبة وتراحم وتآخي بين المسلمين. المقدم: وقد يصنف بعضهم بعضاً يعني أثناء الحديث مثلاً معه أو كذا يحاول أن يصنف الطرف المقابل مع أنه أخوه..الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: وقد يقع في تصنيفه، سواءً كان هذا تصنيفاً مذهبياً أنت كذا أو أنت كذا، أو تصنيفاً حزبياً، أو تصنيفاً اجتماعياً، أو تصنيفاً في النسبة إلى بلد، أو إلى جهة، أو إلى طائفة، أو إلى شيخ، أو غير ذلك من الأشياء التي تمزق وحدة المسلمين. الوحدة بين المسلمين وغير المسلمين ومسوغاتها الوحدة بين المسلمين الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: الحقيقة: الإنسان يقول: هناك أمم كثيرة في الدنيا، لا يوجد لها هذا الكتاب العظيم الذي يناديها بالوحدة صباح مساء، ولا توجد بينها هذه اللحمة والرابطة القوية، وهذا الحضور المكثف لمعاني الدين في عقولهم وفي حياتهم العملية أيضاً، ومع ذلك أدركوا بعقولهم أن الوحدة ضرورة لا حياة بدونها، وأن الاختلاف دمار لا يقوم معه دين، ولا تصلح معه دنيا، حتى ربنا سبحانه لما ذكر اليهود قال: (( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ))[الحشر:14]، فالعقل فضلاً عن الدين يدل على أهمية أن نكون جميعاً، وألا نتشتت، وألا نتفرق، وألا نسمح لعوامل الفرقة وإن وجدت بيننا أن تكون هي المحكمة في العلاقة، بل أن نؤثر جوانب الوحدة بين المسلمين، وأن نفعل هذه الوحدة ونقويها، وأما إذا وجد أشياء من الاختلاف فهذا الاختلاف يقدر بقدره، فقد يكون هذا الخلاف خلافاً فرعياً يتعلق بمسائل فقهية اختلف فيها السابقون هذه لا ينبغي أن تكون سبباً، ولا أن يلتفت إليها، وإن كان لا يمنع من الحوار والنقاش والبحث العلمي فيها في هذه الحدود فقط. وقد يكون هذا الخلاف ناتجاً عن وجود جهل عند أطراف من المسلمين، غيب عنهم بعض مفاهيم الدين، وبعض حقائقه، وبعض عقائده، فهنا ليس الحل هو في مزيد من المباعدة والفرقة، وإنما الحل في تفعيل جانب الدعوة والتوجيه والإصلاح، وبذل الجهد في ذلك حتى يئوب ويعود الشاردون إلى الحق، وهناك من الناس بدون شك من لا يملك الإنسان فيهم حيلة، لكنني أتحدث عن أن الكثير من المسلمين اليوم روح الانشقاق، وروح المخالفة، وروح التفرق تعمل فيهم عملاً قوياً جداً، والواحد منهم إذا التقى بأخيه هو يبحث عن جوانب الاختلاف لا يسمح لنفسه أن يفرح بأنه لقي أخاه المسلم، ويسر به، ويستأنس به، وإنما يكون في قلبه نوع من الإغماض، ونوع من التوقف، وكأنه يقول: لا يمكن أن أعطيك ابتسامتي الصادقة، ولا نظراتي المحبة، ولا كلماتي الحانية، ولا شيئاً من ذلك، حتى اختبرك، وأبلوك وأكتشفك، فيجري عليه امتحانات في القول والفعل والملاحظة فيكتشف أن هذا الإنسان ربما يختلف معه في صفة عمل من الأعمال، أو في لفظ من الألفاظ، أو في موقف من المواقف، أو في انتماء من الانتماءات التي لا تؤثر في أصل انتماء الإنسان لعقيدته، ولدينه، ولملته، ولمنهجه، ولاتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، والسير على ما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والأئمة الكبار كـالشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد ومدارسهم، وأتباعهم، فتجد أنه تولد من جراء ذلك انشقاقات لا نهائية في أحوال المسلمين، حتى إنك تجد أن هذا أصبح منهجاً تربوياً، يحس الإنسان أن الوحدة قد يكون فيها تسيب، وفيها ضياع، وأن الذي يحفظ له شخصيته هو الاستقلال، ومحاولة منهجة كثير من الأشياء بحيث تكون سبباً للمفاصلة بيننا وبين الآخرين، والمباعدة معهم. الوحدة بين غير المسلمين الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بينما نجد أن أمم الأرض التي لا تملك هذا القرآن الذي يناديها إلى الوحدة، ولا تملك هذه العبادات التي يمارسها المسلمون صباحاً ومساءً بتنوعها واختلافها وعظمتها، أن تلك الأمم أدركت أهمية الوحدة وسعت إليها، أنت تجد مثلاً أن الولايات المتحدة الأمريكية هي عبارة عن خمسين دولة انضم بعضها إلى بعض في نظام واحد أصبح له تأثيره وحضوره في العالم كله، وكان ذلك بسبب قوته التي اكتسبها من وحدته، ومن تنوعه في مصادر الدخل، في الخبرات، في المعرفة، في الأرض وخيراتها وثرواتها، في مساحتها الواسعة.. إلى غير ذلك، تجد أن أوروبا الآن وسعيها إلى التوحيد، ومن قبل سنين طويلة جداً كان هناك السوق الأوروبية المشتركة، لكن الآن تجد هناك الاتحاد الأوروبي، هناك البرلمان الأوروبي، هناك التعرفة الجمركية الواحدة، هناك العملة الواحدة اليورو، هناك القانون والدستور الواحد، محاولة دمج هذه القارة الضخمة الهائلة المتنوعة، محاولة دمجها أيضاً في كيان واحد لمواجهة التحديات، وتسجيل حضورها القوي.الصين مثلاً: بلد أكثر من مليار إنسان، وعلى مدى خمسة آلاف سنة وهي دولة موحدة، ومع ذلك أيضاً لا تزال هذه الدولة موحدة، ولذلك كان لها قوتها الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية التي يشهد لها الجميع، بينما تجد أن الأمم الإسلامية اليوم لا تتقن فن الوحدة، وحتى لو لم يكن هناك وحدة قد يقول البعض: إن هناك عوامل تدعو إلى ألا نكون متحدين، فليكن بيننا قدر من التفاهم، قدر من التنسيق، قدر من التعاون أحياناً، حتى حين نكون مختلفين، حين يكون المسلمون دولاً، حين يكونون جماعات، حين يكونون مؤسسات، ما الذي يمنعهم من أن ينسقوا فيما بينهم جهودهم؟ وألا يكون معنى ذلك أن يتحول كل واحد منهم إلى محارب للآخر؟ بينما نجد أن أعداءنا لا يحتاجون أحياناً إلى حربنا؛ لأن المسلمين قد كفوهم المئونة من خلال هذه الصراعات الطاحنة القاتلة، وأحياناً قد نجتر صراعات لا ضرورة لها، ولا مصلحة من ورائها، وقد يختلف الناس حول جزئيات في الفروع، أو حول أقوال فقهية، أو حول انتسابات مذهبية، أو حول تيارات حزبية، أو انتماء للشيخ فلان أو الشيخ علان، أو انتساب لهذا الشعب أو ذاك، وتجد كل فئة تتحزب حول طائفتها، وترمي الطائفة الأخرى بالنقص، وتجعل لنفسها الفضل والكمال، ومع ذلك نتساءل: لماذا لا ينصرنا الله؟ لماذا لا يتحقق لنا ما وعدنا الله؟ الله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد، ولكن الله تعالى جعل شرطاً ورتب عليه وعداً، فإذا وفى المسلمون بالشرط وفى لهم ربهم سبحانه بما وعد، والله تعالى لا يخلف الميعاد. المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك فيكم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعاً بما سمعنا.أحبتنا الكرام! كان هذا فضيلة الشيخ الدكتور: سلمان بن فهد العودة ، وقد تحدثنا معه في حلقة هذا اليوم من برنامج: (مقاصد الحج) حول الوحدة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعاً بما سمعنا، شكر الله للشيخ سلمان ، شكراً لكم أنتم على طيب استماعكم، حتى الملتقى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.