الرئيسة ›دروس›شرح بلوغ المرام›كتاب الزكاة›مقدمة›مشروعية الزكاة مشروعية الزكاة الاثنين 5 رمضان 1436هـ طباعة د. سلمان العودة 3971 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص وأما شرعية الزكاة:فإن الله سبحانه وتعالى ذكر الزكاة في السور المكية في أكثر من موضع باسمها أو بغير اسمها، مثل قوله تعالى: (( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ))[فصلت:6-7]، فهذه آية مكية، وقد عاب الله تعالى عليهم فيها أنهم لا يؤتون الزكاة، فدل على أن أصل مشروعية الزكاة كانت بـمكة .ومما يؤكد هذا المعنى قوله سبحانه: (( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ))[الذريات:19] ، وقال في الآية الأخرى: (( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ))[المعارج:24] يعني: محدد معروف، (( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ))[المعارج:25]، وهذه آيات مكية.ومن هنا ذهب ابن خزيمة رحمه الله إلى أن الزكاة فُرضت بـمكة . أما جمهور أهل العلم فإنهم يخالفونه ويرون أن الزكاة فرضت بـالمدينة . واختلفوا متى فُرضت؟فقيل: فُرضت في السنة الثانية للهجرة، وهذا مذهب الأكثرين.وقيل: فُرضت في السنة الخامسة، كما يدل عليه حديث ضمام بن ثعلبة وهو في صحيح مسلم : لما جاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله، فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة وذكر له الزكاة أيضاً.وقيل: فُرضت في السنة الثامنة أو التاسعة من الهجرة، كما ذكر ذلك ابن الأثير وغيره. والأقرب أنها فُرضت بعد السنة الثانية من الهجرة وقبل السنة الخامسة من الهجرة، قد يكون ذلك في السنة الثالثة من الهجرة.أما الآيات التي وردت بـمكة فتدل على أن أصل الإطعام والإحسان وأداء شيء من المال للمستحقين والفقراء كان مطلوباً لكن من غير تحديد، فكان الإنسان يعطي الفقير والمسكين واليتيم وابن السبيل ما تيسر له مما قل أو كثر، ولا يلزم أن يكون المقصود بالحق خصوص الزكاة، فإن الحق أوسع من الزكاة، وقد ورد في صحيح مسلم حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ) وكذلك فيما يتعلق بالإبل تطؤه بخفافها، وكذلك البقر والغنم تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، فدل ذلك على وجوب شيء في هذه الأمور كلها.وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ذاته: ( لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها )، فحلبها يوم وردها ليس من الزكاة، وإنما هو من الحق العام، فدل على أن قوله سبحانه: (( فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ))[المعارج:24] يُقصد به عموم الإحسان، وهذا أمر متقدم، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر في مواضع كثيرة جداً من القرآن الكريم الأمر بالمواساة، والأمر بالإحسان إلى الفقير والمسكين والمحتاج وأوجب ذلك، فمثلاً في سورة الفجر وهي مكية، قال سبحانه: (( كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ))[الفجر:17-18]، فأمرهم بأن يتحاضوا، أي: يحض بعضهم بعضاً على طعام المسكين، ولا شك أن الله تعالى لما أمرهم بالأعلى وهو أن يوصي بعضهم بعضاً بذلك، فقد أمرهم بما هو أقل منه وهو أن يُطعموا هم المسكين، فقبل أن تحض على طعام المسكين عليك أن تطعم أنت وتُشارك قبل أن تأمر الآخرين بذلك.وهكذا أيضاً في سورة الدين: (( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ))[الماعون:1-3]، فعابهم الله سبحانه وتعالى بجفاف عواطفهم ومشاعرهم، فهم يدعُّون اليتيم، يعني: يدفعونه دفعاً قوياً ولا يُراعون مشاعره، (( وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ))[الحاقة:34] يعني: لا يحضون أنفسهم ولا يحضون غيرهم على ذلك.إذاً: كان بـمكة واجباً على الناس أن يحسنوا، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يتحاضوا على طعام المسكين، وأن يهتموا بشأن اليتيم، ولكن لم تكن الزكاة بأنصبائها وفروضها وأنواعها وشروطها، والأموال التي تجب فيها الزكاة لم تكن تقررت بعد، حتى صدقة الفطر التي تخرج في رمضان لم تكن تقررت، والأقرب أنها إنما فرضت بـالمدينة ، إنما كان على الناس حقاً عاماً في الإحسان من غير تحديد، ويقرب من ذلك موضوع الصلاة، فإنها كانت واجبة على الناس من حيث الجملة، وكان مطلوباً منهم أن يصلوا وأن يركعوا، لكن لم تكن الصلاة محددة بمواقيتها وشروطها وطهارتها وعدد ركعاتها، والسرية منها والجهرية.. إلى غير ذلك، فهكذا الأمر في شأن الزكاة، فإنها لم تُفرض إلا في المدينة بعد السنة الثانية من الهجرة. والأقرب أيضاً: أن الزكاة كانت موجودة عند الأنبياء السابقين، وهذا وردت فيه نصوص كثيرة جداً في القرآن الكريم، مثلاً قوله سبحانه وتعالى: (( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ))[الأنبياء:90]، وقال سبحانه: (( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ))[الأنبياء:73].. إلى غير ذلك من النصوص التي فيها دليل على أن الرسل وأتباعهم عليهم الصلاة والسلام كان الله تعالى فرض عليهم: (( فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ))[الأنبياء:73] لكن لم تكن كالزكاة المفروضة لهذه الأمة، فقد تكون زكاة عامة، وقد تكون غير محددة المقادير ولا غير ذلك. التالي حكم الزكاة مقدمة السابق تعريف الزكاة ومعانيها مقدمة مواضيع ذات صلة حكم دفع الزكاة للخادم وحكم زكاة الحساب المشترك وحكم بناء القباب على البيوت حولان الحول فيما عدا الخارج من الأرض حكم المال الذي تأخذه مصلحة الزكاة والدخل مسألة تأخير الزكاة حكم زكاة المحافظ الاستثمارية في البنوك الإسلامية