الرئيسة ›محاضرات›نظام الأخلاق›عوامل تكوين الأخلاق عند...›من عوامل تكوين الأخلاق الاستعداد الفطري من عوامل تكوين الأخلاق الاستعداد الفطري الخميس 14 رمضان 1422هـ طباعة د. سلمان العودة 668 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: القسم الأول: الاستعداد الفطري عند الإنسان، العامل الفطري، فإن هذا أساسي جداً، فإن كثيراً من الناس هم يحملون أخلاقاً فطرية جيدة لأنفسهم حتى بدون أن يتعلموا، ولذلك قد تجد كثيراً من الجهلة أو من العوام لديهم أخلاق طيبة، عندهم كرم، عندهم جود، عندهم إنصاف، عندهم صدق، عندهم وضوح، عندهم صراحة، بعيدون عن اللف والدوران، عن التحايل، عن الأخلاق الرديئة، بل يحتقرون أهلها ويزدرونهم، علماً أنهم لم يتخرجوا من مدرسة، ولم يحملوا شهادة جامعة، ولم يعكفوا بين يدي شيخ، وإنما طبائعهم واستعداداتهم الفطرية مؤهلة لهذا الأمر، بينما على النقيض من ذلك؛ قد تجد إنساناً درس وحفظ وقرأ، وتخرج من الجامعات، وحضر المجالس العلمية، وربما لديه قدر كبير جداً من العلم، ومع ذلك لما تسبر أخلاقه تجدها بعيدةً كل البعد عما تعلمه، لماذا؟ لأن استعداد هذا الإنسان الفطري لا يؤهله لمكارم الأخلاق، فهذه العلوم التي تعلمها كانت علوماً في لسانه، أو علوماً في عقله يقولها ويرددها ويجيب عليها إذا سئل، ويقولها إذا جاءت المناسبة، وقد يتصدر بها المجلس مثلاً، ولكنها لم تنعكس على خلقه، لم تكن نوراً في قلبه، ولا نوراً في حياته، ونجد في السنة النبوية ما يصدق ويؤيد هذا المعنى، فإن خديجة رضي الله عنها لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة الذي في صحيح البخاري: ( لما نزل عليه الوحي وجاء إلى خديجة ترجف بوادره وهو يقول: دثروني، وقال لها: لقد خشيت على نفسي، فقالت له خديجة رضي الله عنها: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ). إذاً: كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الفطرية، كان استعداده قوياً جداً للخير والهدى، وقد جبله الله تعالى على الخصال الكريمة التي يحبها الله تعالى ويرضاها، فكانت نفسيته، وكانت شخصيته مثل الأرض الطيبة القابلة للمطر، والقابلة للإنبات، فلما نزل عليه الوحي عليه الصلاة والسلام كان الوحي بمثابة المطر الذي نزل على الأرض الطيبة، فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، وهكذا الإنسان طيب الخلق، إذا أسلم وكان كافراً مثلاً كان نوراً على نور، ومثله أيضاً ما جاء في قصة قول النبي صلى الله عليه وسلم لـأشج عبد القيس وهي في الصحيح أيضاً قال له: ( إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة )، في بعض الألفاظ أنه قال: ( يا رسول الله! هل هاتان الخصلتان مما جبلت عليه، أو مما اكتسبته؟ قال: هما مما جبلت عليه، قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحبه الله ورسوله ). فهذا الرجل نموذج لكثير من العرب ومن الصحابة الذين آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، فكانت خلائقهم الفطرية سليمة، ولذلك مثلاً لم يكن النفاق فاشياً فيهم، وكان غالب النفاق موجوداً في اليهود ونحوهم، أما مثلاً أهل مكة وقريش والعرب فلم يكن أحد منهم.. بل تعرفون قصة الرجل الذي وقف على رأس النبي صلى الله عليه وسلم والسيف في يده صلت، وقال: ( من يمنعك مني يا محمد؟ فقال: الله، فسقط السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد، قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أعاهدك ألا أحاربك، ولا أكون مع قوم يحاربونك )، وهو غورث بن الحارث، وقصته في الأصل في صحيح مسلم، فهذا الرجل مع أن السيف على رأسه لم تقبل نفسه أن يتظاهر بالإسلام، وهو غير مؤمن به، وإنما وعد النبي صلى الله عليه وسلم بأن يضع معه الحرب، وألا يحاربه. فالمقصود أن خلائقهم كانت جيدة، وقصص العرب وأشعارهم وأمثالهم وتاريخهم يدل على وجود قدر جيد من الأخلاق عندهم في الجاهلية هو من الأسباب التي جعلت البعثة والنبوة فيهم. لعمرك ما أهويت كفي لريبة ولا حملتني نحو فاحشة رجلي ولا قادني سمعي ولا بصري لها ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر إلا قد أصابت فتىً قبلي ولست بماش ما حييت لمنكر من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي هذا سبب؛ وهو السبب الفطري، وأمره كما ذكرت في غاية الأهمية. التالي من عوامل تكوين الأخلاق البيئة والعلم والتعلم عوامل تكوين الأخلاق عند الإنسان مواضيع ذات صلة الأخلاق عند الفتن العدل في الأخلاق الشجاعة والمرأة عدم العناية بالأخلاق الإسلامية وأثره على الأمة والفرد لحظة العفو والتسامح