الرئيسة ›محاضرات›من يرد الله به خيراً يفقهه في...›قصور في الفهم›العلم ليس الفقه فحسب العلم ليس الفقه فحسب الاثنين 6 شوال 1421هـ طباعة د. سلمان العودة 255 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص وهذا ما يجب أن ينتبه له الشاب، أن العلم في الإسلام ليس مجرد معرفة الأحكام الفقهية التفصيلية، وما ورد من الحث على العلم فهو يشمل ألوان العلوم، مع التطبيق العملي، أرأيت قول الله عز وجل: (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ))[التوبة:122]؟ هل المقصود بالفقه في هذه الآية: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) هو فقط معرفة الحلال والحرام؟كلا؛ لأن معرفة الحلال والحرام ليست هي التي يتم بها الإنذار، بل الإنذار إنما يتم بالتخويف من الله تعالى، والتذكير بأيامه، والوعد بالجنة، والوعيد بالنار، وما أشبه ذلك، فهذا هو الذي يكون فيه الإنذار أكثر من غيره، وفي الآية قال: (( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ))، فأنت -مثلاً- لو أتيت لإنسان غير مسلم، وقلت له: إن حكم الإسلام كذا، وهذا حلال وهذا حرام، قد لا ينفعه ذلك، بل في غالب الأحيان لو أتيت لإنسان عاص، وقلت له: إن الحكم كذا والحكم كذا مجرداً، فقد يستجيب، والغالب أنه لا يستجيب، إلا إذا جعلت هذا الحكم ضمن مؤثرات عديدة، خوفته بالله، وذكرته به، وبينت له مغبة عمله، وإلا فقد يكون عارفاً بالحكم -أصلاً-، ومع ذلك يعاند، ويعصي على بينة.وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية، في الصحيحين: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، فليس المعنى في هذا الحديث: أن يفقهه في الدين، يعني: أن يجعله عالماً بالحلال والحرام فقط، كلا، بل المعنى أشمل من ذلك، فالمعنى أن من أراد الله به خيراً جعله عالماً في الدين، عالماً بالله تعالى، عالماً بالعقيدة الصحيحة، عالماً بالحلال والحرام -أيضاً-، ومتأثراً في قلبه بهذا العلم، ومطبقاً في جوارحه، وإلا فإن من علم العلم الشرعي، من الفقه وغيره، ثم لم يعمل به، ولم يدع إليه، فهذا لا يقال: إنه ممن أراد الله به خيراً؛ لأن علمه أصبح حجة عليه، لا حجة له.وهكذا -أيضاً- الحديث المتفق عليه، لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس، قال: ( تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )، يعني: إذا حصَّلوا الفقه، الذي هو العلم بالله وشرعه، علماً يورث تأثر القلب، وانصياع الجوارح للعمل؛ ولذلك فإننا ينبغي أن ننتبه لهذا المفهوم، وألَّا يكون توجهنا ورغبتنا في العلم هي رغبة في كسب إقبال الناس؛ لأن الشاب -أحياناً- حين يرى إقبال الناس على المفتي، وكثرة حاجتهم إليه، يخطر في باله أن يكون كذلك؛ ليصرف به وجوه الناس إليه، وهذا -والعياذ بالله- من المقاصد الخطرة في طلب العلم، التي بين الرسول عليه الصلاة والسلام أن من أرادها فجزاؤه النار: ( من تعلم هذا العلم ليباهي به السفهاء، أو يماري به العلماء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فالنار النار )، وفي الحديث الآخر: ( من تعلم علماً مما يتبغى به وجه الله تعالى، لا يتعلمه إلا لدنيا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام )، والحديث عند أبي داود وغيره بإسناد صحيح. التالي المقصود الأعظم من وجود الإنسان هو: العلم والعمل قصور في الفهم مواضيع ذات صلة التدرج في طلب العلم نظرة الإسلام للعلم الحياتي المادي وتفريط المسلمين فيه من وسائل تنمية الذاكرة: تكرار ما يراد حفظه المتعة في القراءة من وسائل التفقه: التتلمذ المباشر