الرئيسة ›برامج›الحياة كلمة›الصراع -2›مصطلح ونظرية صدام الحضارات مصطلح ونظرية صدام الحضارات الجمعة 3 صفر 1427هـ طباعة د. سلمان العودة 4480 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص المقدم: طيب. أنا سآتي إلى موقف -الحقيقة- شرعي، ومفترض أن يكون من هذا المصطلح ومن تداعياته، لكن سأتكلم عما يردده الإعلام أو فلنقل: الاصطلاح الإعلامي الموجود على صراع الحضارات.بعض الأسئلة في الموقع الإلكتروني تقول: إن هذه القضية أتت من رحم العولمة، أو بمعنى أصح: هي ذريعة لأن يسيطر القوي بشكل أكبر على مدخرات العالم كله، بل إن إحدى الأخوات وأعتقد أنها نور من لبنان كانت تتكلم أن هذا موجود منذ زمن، الماركسيون اخترعوا موضوع الصراع، وقالوا: إن هنالك مثلاً بلوروتاريا، وهناك طبقة أرستقراطية، وهناك صراع بين الطبقتين، كله من أجل أن يمدوا بفكرتهم.الآن نفس العملية، الرأسمالية الغربية القوية تحتكر هذا المفهوم لصالحها من أجل الصراع على مدخرات العالم كله اقتصادياً.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ولذلك كتاب صدام الحضارات لـصامويل هنتنجتون وهو من أكثر الكتب انتشاراً في العالم، وأطروحاته لها أصداء كبيرة جداً؛ هذا الكتاب جاء بعد الحرب الباردة، وتحدث عن الحضارات العالمية سبع أو ثمان حضارات، وكرس منها الحضارة الإسلامية والحضارة الكونفوشوسية في الصين على أنها هي التي يمكن أن ترفض النمط الغربي، وهي المؤهلة والمرشحة لصدام مع الحضارة الغربية. وهنا تلاحظ مثلاً أن الكثير يتحدثون عن هذا الكتاب وهذه النظرية، ما الحق فيها وما الباطل؟فأقول أولاً: في هذه الأطروحة جوانب إيجابية لا بد من الحديث عنها، مثلاً: هو تكلم عن قضية أن الأمم الغربية وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية جعلت كثيراً من الدوائر الرسمية في خدمتها، فالأمم المتحدة لخدمة الأغراض السياسية، وصندوق النقد الدولي لخدمة الأغراض الاقتصادية، وتبعاً لذلك الأغراض الثقافية ونشر العولمة على الطريقة الأمريكية، وهذا نوع من الاعتراف السليم، وهناك أشياء من هذا القبيل.لكن في المقابل تلاحظ أن كتاب صامويل هنتنجتون تجاهل قضية اليهود مع أنه صنف الحضارات على أساس ديني، وليس على أساس عرقي مثلاً أو جغرافي، وإنما على أساس ديني عرقي، مشترك أحياناً، ومع ذلك تجاهل اليهود ، مع أنه من الصعب أن يكون نسي في ضمن هذه النظرية التي هي نوعاً ما متكاملة، تجاهل اليهود تماماً ولم يتحدث عن أي لون من ألوان الصراع بينهم وبين المسلمين على سبيل المثال.أيضاً: هو صنف الحضارة الإسلامية على أساس ديني، وسماها الحضارة الإسلامية، لكن بقية الحضارات سمى الحضارة الغربية، بينما الحضارة الغربية كان بالإمكان أن يقول: حضارة مسيحية أو أي تسمية أخرى، الحضارة الهندية نسبها إلى شعب ولم ينسبها إلى دين، فهناك نوع من الانتقائية في توصيف هذه الحضارات والحديث عنها.أيضاً: يبدو لي أن طرح هذه النظرية وهذا الكتاب هو نوع -من بعد الحرب الباردة- تأهيل عدو جديد للغرب؛ كما أن هناك نوعاً من صناعة الأعداء، أنه من أجل ضبط الوضع الداخلي وحشد القوة لا بد أن نصنع عدواً نرعب به، يكون مثلما يقولون: (فزّاعة).فجاءت الفرصة لجعل العالم الإسلامي، وهذه النظرية ربما كادت أن تموت، وإذا كانت أحداث 11 سبتمبر قتلت العديد من الناس، فهي أحيت في الطرف الآخر، ولعل مما أحيته أن أحيت هذه النظرية، وكأن أحداث سبتمبر جاءت لتدعم ما طرحه هنتنجتون في نظريته، وتعيدها إلى الحضور والحياة من جديد، ويبدأ الناس يتحدثون عنها كما لو كانت هذه الأحداث تأكيداً لنظريته في ذلك الكتاب.هنا ألاحظ: أن هذا الطرح هو نوع من التحضير للحرب في الواقع، من حيث يدري أو لا يدري، والغالب أن هناك نوعاً من التوجه اليميني في النظرية؛ أن ذلك تأهيل لصناعة العداوة، والتأهيل للحرب والصدام في المستقبل، بدلاً من التأهيل للتعاون أو الحوار أو التحالف الذي يطرحه آخرون.في نفس الشق الذي يوجد فيه هنتنجتون أو غيره يوجد الناس الذين يميلون إلى العنف في العالم كله حتى في العالم الإسلامي، ولذلك أقول: إن الذين يؤججون نيران العنف في العالم الإسلامي ويتم أحياناً الحديث عنهم أو استهدافهم هم في خندق واحد مع كتاب صدام الحضارات ودعاته وهذا الكتاب اعتبره بعضهم أشبه ما يكون بالإنجيل للمحافظين، كما يسمون في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو كان تحضيراً للحرب على أفغانستان وعلى العراق وعلى عدد من المواقع في العالم الإسلامي.وقد قلت يوماً من الأيام، ويسعدني أن أؤكد هذا الكلام اليوم: أعتقد أن كثيراً من الأنظمة العالمية الراقية التي لا تدار بصيغة الفردية وإنما تدار من خلال مؤسسات، أنها قادرة على تلافي أخطائها في المستقبل، ولهذا لا نستبعد يوماً من الأيام أن يكون هناك نوع من الانقلاب على مثل هذه التوجهات التي تدعو إلى الصدام وتستحضر الحرب على المختلف ثقافياً وفكرياً ودينياً، وأننا قد نشهد يوماً من الأيام على مدى عمرنا المحدود ألواناً من المحاكمات التي تعيد النظر في قرارات ومواقف كانت غير مدروسة، ودفعت الشعوب ثمنها في أمريكا والغرب .إذاً! هذه النظرية نظرية غير دقيقة وغير محكمة، وهي تحضر للصراع بين العالم الإسلامي وبين الغرب على وجه التحديد. المقدم: لم لا نقول: إذا كنا نستدعي هذا الشيء أيضاً قد نكون نساهم في إذكاء صراع معين، إذا كنا نستدعي أن الحكاية خلفها إيحاءات قد تكون سياسية، أو مصالح لتخدم دولة كما ذكرت قبل قليل يا شيخ، لم لا نستدعي القضية الأخرى: الناحية المعرفية، يعني لم نقول: إنها نظرية من ضمن النظريات التي يسعى كثير من المتنورين، بالذات في دراسة السنن التاريخية إلى إنشاء نظريات جديدة القصد فيها معرفي فقط يعني؟الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: هي ليست نظرية معرفية بقدر ما هي نظرية سياسية، هناك فرق بين الحديث عن قراءة سير البشر وحياتهم، وبين نوع من قراءة المستقبل قراءة فيها جانب كبير من الانتقائية، إضافة إلى ذلك فإن مجرى السياسية الأمريكية كان مؤثراً، وعدد من المفكرين من أمثال هنتنجتون أو فوكوياما أو غيرهم هم قريبون جداً من الإدارة الأمريكية، وتم توظيف هذه النظريات ضمن الحرب على الإرهاب، كما يسمى في المرحلة السابقة، وإذا كان بعض الرؤساء قالوا: إنها حرب صليبية، واعتُبر فيما بعد أن هذه فلتات لسان، فـ بعض علماء النفس يقولون: إن فلتات اللسان أحياناً تعبر عن حقيقة ما عند الإنسان أكثر مما يعبر الكلام المدروس الذي قد يصاغ بطريقة أو بأخرى. التالي الرقية الذاتية الصراع -2 السابق حقيقة الصراع الحضاري وحتميته الصراع -2 مواضيع ذات صلة توطين النفس على الدفاع عن دين الله وحرماته في جزيرة العرب دور الفراغ في الصراع النفسي سنة التدافع بين الحق والباطل المنافقون وإبراز قضايا تافهة آليات الصراع