الرئيسة ›برامج›الحياة كلمة›الحياة الزوجية -1›مفهوم العطاء في العلاقة الزوجية وخطر الأنانية عليها مفهوم العطاء في العلاقة الزوجية وخطر الأنانية عليها الجمعة 23 ربيع الأول 1427هـ طباعة د. سلمان العودة 4129 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: هنا فيه معنى جميل لا بد أن نلتقطه وهو أن الزوجية في المخلوقات ليست زوجية تناقض، وإنما هي زوجية وئام وانسجام، ومن هنا من المهم جداً أن نفهم أن العلاقة الزوجية -حتى في داخل دائرة الإنسان- يجب أن تكون علاقة مبنية على الحب والود والتسامح، ولهذا ربنا سبحانه لما ذكر الزوجية مثلاً في الإنسان قال: (( خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ))[الروم:21]، والآية الأخرى: (( وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ))[الأعراف:189]، فالزوجية فيها سكن وهدوء، ولهذا يفترض أن يكون السكن يظلل البيوت. والنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً ذكر عن خديجة كما في الصحيح في البخاري: ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ) هذا لقاء بيتها في الدنيا، بيت النبوة الذي كانت تظلله السكينة. إذاً الصخب والضجيج والصياح والعويل والخصومة التي تقوم داخل بيوت الزوجية، هذا نقيض المبدأ الإلهي، ونقيض الفطرة، ونقيض الشريعة. أيضاً: نلاحظ أن الكثير من الجهود والمؤسسات تقوم على أساس التحضيب والتحضير لنوع من النزاع، أو نصرة طرف على آخر، تجد مثلاً في كل مجتمع هناك أناس يتحدثون باسم أنهم أنصار المرأة، وأنصار حرية المرأة، والمدافعون عن حقوق المرأة، وفي المقابل أنصار الرجل، والمدافعون عن الرجل، وأن الرجل هو المظلوم في حقيقة الحال، وحتى في طبيعة العلاقة، يعني: العلاقة بين الولد والأب، العلاقة بين البنت والأم، تجدها أحياناً مبنية على نوع من الخصام والمنافرة، العلاقة بين الزوج والزوجة بطبيعة الحال، حتى العلاقة بين المرءوس والرئيس، العلاقة بين المحكوم والحاكم، العلاقة داخل الدوائر المختلفة في المجتمع الواحد في كثير من الأحيان يشوبها خصام شديد يصل إلى درجة التوتر، وكأن كل طرف لا يستطيع الحصول على حقوقه إلا من خلال إقصاء الآخر أو دفع الآخر، كأن الحياة عبارة عن موقع واحد، لا تستطيع أن تأخذ موقعك فيه إلا بأن تدفع الآخر إلى الوراء وتحتل مقعده. بينما الوقائع تثبت أن الحياة واسعة، والكون واسع، والفرص ضخمة جداً، وبقدر ما تمنح الآخرين من الفرص لأن يعيشوا بوئام وانسجام وسلام ومحبة، تحصل أنت على مثل ذلك أيضاً وأعظم، ولهذا ربما أؤكد أن من الخطورة بمكان أن تكون العلاقة الزوجية، سواءً داخل الأسرة بين الأبوين، أو بين الأب وأولاده، أو بين الزوج والزوجة، أو حتى داخل المجتمع كله مثل العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أن تكون هذه العلاقة مبنية على نوع من المنازعة، المنازعة هذه هي علامة على ما يمكن أن نعبر عنه بين قوسين بـ(الأنا الأنانية)، يعني: كون كل طرف لا يحس إلا بحاجاته وبمصالحه، ولم يفكر يوماً من الأيام أن يجعل نفسه مكان الطرف الثاني، مثلاً: تجد أن هناك أحياناً مقارنات كثيرة جداً..الرجل دائماً ما يقارن ويقول: أنا أذهب وأتعب وأسهر وأجتهد، ومن الصباح وأنا في عمل، وأتعرض للأخطار، وأسافر.. وإلى آخره، والمرأة لا تقدر هذا الجهد ولا تقيم له وزناً..بينما المرأة يمكن أن تقول بلسان آخر: أنا أربعة وعشرين ساعة جالسة في المنزل، وأشتغل وأطبخ وأغسل وأكنس وأخدم، وأقوم برعاية الأطفال، وأنتظر هذا الزوج، وهو كثير الغياب، ولا يمكن أن يقدر جهدي. هذا هو ما نعبر عنه بالأنانية، ولهذا في صحيح البخاري حديث عمار رضي الله عنه يقول: [ ثلاث من جمعهن فقد استكمل الإيمان -وذكر فيها- الإنصاف من نفسك ] هذا -أخي فهد - معنى راق وعظيم، وقد تأملته فـ وجدت أن معظم بلايانا ومصائبنا تنبثق وتخرج من هذه الفوهة المظلمة، فوهة الأنانية، وكون الإنسان لا يرى إلا نفسه وحاجاته. حتى إني استمعت كثيراً إلى مشكلات، فوجدت أن لب المشكلة يكمن في أن كل طرف لا يراعي إلا نفسه، وتجده مثلاً يقول: والله أنا علم الله أني ما قصرت، وأني فعلت وبذلت وصابرت وصبرت وتحملت، ويذكر شيئاً طويلاً جداً مما يعتقد أنه بذله، وهذا قد يكون صادقاً مع نفسه، لكن السبب هو أنه لم يترب على قراءة مجهودات الطرف الآخر. قلت -يوماً من الأيام- لأحد الإخوة وهو يتحدث عن صبره وعن سفره وتعبه: هل أنت قادر على أن تحمل الطفل تسعة أشهر كما حملته المرأة؟ كلا.. هل أنت قادر على معاناة آلام الوضع كما تعانيها المرأة؟ حتى جلوس الرجل عند زوجته في هذه الحالة هو أمر قد يكون عسيراً عليه، أو تصوره لهذا المشهد.هل أنت قادر على حمل الطفل هذه الفترة؟ يعني: لو أن مجموعة من الأطفال صاحوا وقت نوم الأب أو راحته، وأحدثوا جلبة ربما الأب ما كان يتحمل ذلك، وكان يعاتب الأم عتاباً شديدا..ً أنه لماذا لم تربهم، ولماذا لم تبعدهم عنه، يريد أن يرتاح، طيب هي تعاني وتواجه منهم فترة طويلة جداً. هل أنت قادر على رعاية الصغار وما يتعلق بغذائهم.. بملابسهم.. بتنظيفهم؟ جهود ضخمة جداً. والمرأة يقال لها مثل هذا، يعني: كون الرجل غائباً وهي تنتظره، لا يعني بالضرورة أنه غائب لمجرد المتعة الشخصية، قد يكون ثمة أسباب وراء ذلك. المقصود ليس الدخول في هذه التفاصيل الآن، بقدر ما هو الإشارة إلى أن الزوجية في الحياة وفي الفطرة وفي الشريعة يجب ألا يكون الأساس فيها أن هناك نوعاً من الحرب، أو التحضير لحرب بين هذين الطرفين، هذا معناه أن مؤسسة الزوجية تتعرض للانهيار، يفترض أن يكون هناك تربية على أن كل طرف يقدر الطرف الثاني، ويحاول أن يحتويه بقدر المستطاع. التالي العلماء المعاصرون والدور الإيجابي المفقود في تناول القضايا الزوجية الحياة الزوجية -1 السابق الزوجية سنة الله في مخلوقاته الحياة الزوجية -1 مواضيع ذات صلة التجديد في الحياة الزوجية حكم جماع المرأة المعقود عليها الشك وأثره على الزوجين من أسس ضبط الحياة الزوجية واستمراريتها الأسلوب التربوي الناجح لحمل الزوجة على المحافظة على الصلاة