الرئيسة ›محاضرات›نظام الأخلاق›صور من الأخلاق الإسلامية عند المسلمين صور من الأخلاق الإسلامية عند المسلمين الخميس 14 رمضان 1422هـ طباعة د. سلمان العودة 353 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ولا بأس أن أضرب لذلك بعض الأمثلة: قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ذكرها أبو يوسف في كتاب الخراج، يقول: [ إن عمر رضي الله عنه مر بباب قوم وعنده سائل يسأل، ويقول: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عمر عضده من خلفه، وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: أنا يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية، مطلوب مني أن أعطي الجزية، وأنا كبير السن وذو حاجة، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ وأمر له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال، فقال: انظر إلى هذا الإنسان وأمثاله فوالله ما أنصفناه؛ إن أكلنا ماله في شبابه ثم نخذله عند الهرم، (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ ))[التوبة:60]، فالفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عمر عن الرجل الجزية وعن أمثاله، قال أبو بكر: أنا شهدت ذلك من عمر، ورأيت ذلك الشيخ ]. فهذا نموذج لمستوى الأخلاق الإسلامية في التعامل مع المخالفين في الدين من أهل الكتاب من اليهود وغيرهم. أيضاً من القصص المشهورة في هذا قصة عمر رضي الله عنه مع القبطي، لما تحاكم هو وابن عمرو بن العاص، وجاء القبطي إلى المدينة؛ لأنه يدرك مستوى النظام الأخلاقي الإسلامي، ولهذا قطع هذا المشوار الطويل ليشكو إلى عمر كيف يضربه ابن عمرو بن العاص؛ لأنه فقط ابن أمير مصر، فـعمر رضي الله عنه يحضر عمرو بن العاص ويهدده ويقول له: [ كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ]، ويسلط القبطي عليه ويعطيه الدرة، ويقول: [ اضرب ابن الأكرمين، اضربه وخذ حقك منه ]. كذلك قصة أبي عبيدة رضي الله عنه مع أهل حمص وهي قصة مشهورة، فإنه لما فتحها سمع أن الروم يعدون العدة لاستعادتها والانقضاض عليها، وخشي أبو عبيدة ألا يستطيع مقاومة هذا الطوفان القادم المرتد عليه، فرد الجزية إلى أهلها، وقال لهم: [ سوف ندافع عنكم، فإن انتصرنا أخذنا الجزية، وإن انهزمنا لا نكون أخذنا منكم الجزية، وعجزنا عن حمايتكم من الطرف الآخر ]. كذلك هناك قصة مشهورة؛ وهي قصة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مع أهل سمرقند، فإن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه جاءته شكوى من أهل سمرقند لما دخلها المسلمون بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي، وكان دخلها قتيبة بدون منابذة ولا إعلان، فاشتكوا إلى خليفة المسلمين، وقال الخليفة: والله ما أمرنا نبينا بالظلم، ولا أجازه لنا، وإن الله تعالى قد أوجب علينا العدل في المسلمين، وفي غير المسلمين، وأمر عامله في تلك الجهة أن ينصب لهم قاضياً، فعين موعد المحاكمة، وجاء اليوم الموعود، واحتشد أهل سمرقند ، وجاء الكهنة، وجاء القائد الفاتح الذي كان بعد قتيبة بن مسلم وكانت المحكمة في المسجد، فقعدوا ينظرون القاضي ثم أتى القاضي وابتدأ المحاكمة وتكلم، وقال لكهنة أهل البلد: ماذا تقولون؟ قالوا: إن القائد المبجل قتيبة قد دخل بلدنا غدراً من غير منابذة، ولم يدعنا إلى الإسلام، قال القاضي للأمير: ما تقول أنت؟ قال: أصلح الله القاضي، إن الحرب خدعة، وهذا بلد عظيم قد أنقذه الله تعالى بنا من الكفر وأورثه المسلمين، قال: أدعوتم أهله للإسلام، ثم إلى الجزية، ثم إلى القتال؟ قال: لا، قال: أما إنك قد أقررت، وإن الله تعالى ما نصر هذه الأمة إلا باتباع الدين، واجتناب الغدر، وإنا والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهاداً في سبيل الله، ما خرجنا لنملك الأرض، ولا لنعلو أو نعنو فيها بغير الحق، حكمت -هكذا يقول القاضي- بأن يخرج المسلمون من البلد ويردوه إلى أهله، ثم يدعوهم إلى الإسلام إلى الله تعالى، وينابذوهم، ويعلنوا عليهم الحرب، حينئذ رأى الكهنة وأهل سمرقند وسمعوا، ولكنهم كذبوا عيونهم وآذانهم، وظنوا أنهم في حلم، ومرت ساعات فإذا الرايات تلوح على حواشي الأفق القريب فتساءلوا: ما هذا؟ فأجيبوا لقد نفذ الحكم، وهذه رايات الجيش الإسلامي قد انسحب من هذه المدينة وأخلالها، فأعلن الكاهن دخوله في الإسلام، وتتابع الناس، وتزلزلت مدينة سمرقند بالتكبير، ودخلها الإسلام حينئذ دخولاً حقيقياً، ليس عبر الرايات والقوة الباطشة التي قد تظهر اليوم وتختفي غداً، ولكن عبر العدل والخلق الكريم الذي تغلغل وغزا قلوبهم، وأصبح الجميع إخواناً في الله تعالى، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لقوي على ضعيف إلا بالتقوى والصلاح وخصال الخير. كذلك من القصص المشهودة المشهورة قصة لأحد سلاطين آل عثمان، ولن أطيل بهذه القصة؛ لأن هذه القصص أخذت منا أكثر مما يجب، لكنني أريد أن أشير إليها إشارة عابرة، وأطلب من الإخوة أن يبحثوا عن هذه القصة، ومن حصل عليها موثقةً يوافيني بها، وسوف يكون له جائزة ذات معنى، ذات بال. القصة هي: أن السلطان مراد وهو أحد سلاطين آل عثمان كان له موقف مع أحد مهندسيه الذي بنى له مسجداً، وحصل هناك مرافعة بين السلطان وبين المهندس، انتهت لصالح المهندس، وكتب فيها أحد الشعراء المسلمين المتأخرين قصيدة مشهورة مطلعها يقول: قضية من قضايا العدل خالدة تبقى لحكمة دين الله عنوانا إلى آخر ما ذكر، فأطلب من الإخوة أن يحاولوا البحث عن هذه القصة، ومن عثر عليها يوافيني بها، وسيكون له كما قلت جائزة هي عبارة عن مجموعة طيبة من الكتب. فخلاصة هذا الكلام إذاً أن نقول: إن الجهاد في الإسلام شأنه في ذلك شأن العبادات، شأنها في ذلك شأن الإيمان، كلها تزيين لخلق الإنسان ظاهره أو باطنه، وإصلاح لقلبه، وبالتالي إصلاح لحياته على ضوء صلاح القلب، ( إذا صلح القلب صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله ). أما عن الأخلاق وتعريفها الخاص فإن البعض قد يتحدث عن الأخلاق على أنها العلم الذي يبحث في سلوك الإنسان من حيث ما يجب أن يكون عليه، أو يبحث في غاية الحياة التي يجب أن يقصدها الناس في أعمالهم، وقد يعبر بعضهم ويقول: الأخلاق هي علم الواجب. التالي أصول الأخلاق نظام الأخلاق السابق أثر العبادات في أخلاق المسلم نظام الأخلاق مواضيع ذات صلة التواضع لا يمنع من العمل والأداء أمانة العبادة كيفية التعود على الابتسامة وقفة مع اسم الله الصبور كيف نتحلى بالأخلاق الفاضلة