الرئيسة ›محاضرات›حيوية الأمة›العاطفة الإيمانية في هذه الأمة العاطفة الإيمانية في هذه الأمة الجمعة 3 شعبان 1422هـ طباعة د. سلمان العودة 354 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. هذه ليلة الجمعة الثالث من شهر شعبان من سنة (1422هـ)، يقول المتنبي في رثاء والدة سيف الدولة في قصيدته المشهورة: نعد المشرفية والعوالي وتقتلنا المنون بلا قتال ونرتبط السوابق مفردات وما ينجين من خبب الليالي رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال فصرت وما أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي وصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال هذا المعنى هو ما يعانيه ويعيشه المسلمون اليوم؛ بل ومنذ فترة طويلة؛ فإن المصائب التي تواجهها الأمة تأتي واحدة بعد الأخرى، وما يفيق المسلمون من نازلة إلا وقد ابتلوا بأخرى، فصار يصدق عليهم قوله: تكسرت النصال على النصال ففي كل بيت نائحة، وفي كل بلد مصيبة، وفي كل جهة جرح، ومع ذلك فإن هذه الأمة أثبتت من خلال هذه الأحداث التي تمر بها اليوم قوتها، وفاعليتها ووحدتها وعاطفتها وإيمانها الذي جمعها الله تبارك وتعالى به. لقد أثبتت هذه الأمة أنها ذات عاطفة جياشة، وشعور نبيل، وأخوة عميقة راسخة، وأن الأمة تتنادى باسم الإيمان الذي اجتمعت عليه، وتآلفت حوله، فتشعر بجراح إخوانها، بجراح أبنائها، بجراح ذويها في كل مكان، وهذه العاطفة التي تتمثل في كلمات تقال، أو أشعار تتلى، أو مواقف نبيلة، أو بيانات جميلة، كل هذه من المعاني والعواطف التي يجب أن نشيد بها؛ لأنها من أكبر الأدلة على حيوية هذه الأمة وفاعليتها وبقائها. إن هذه الأمة تمتد على رقعة فسيحة من الجغرافيا، وتمتد أيضاً على مسافة فسيحة في التاريخ، وقد عملت فيها عوامل كثيرة من التفرق، ومع هذا كله فإن الأحداث تجدد لنا الإيمان بحيوية هذه الأمة، وقوتها وأثرها وفاعليتها، ونجدة بعضها لبعض، وتفاعل بعضها مع بعض، فهذه العاطفة هي بحد ذاتها معنى جميل ينبغي أن نشيد به. والبعض قد يقولون أحياناً: ماذا تنفع العاطفة، وماذا بعد العاطفة، وماذا لديكم؟ أقول: نعم، هذا الكلام صحيح؛ لكن ينبغي أن ندرك أن العاطفة الإيمانية بذاتها هي معنى عميق، ينبغي أن نفرح به، ينبغي أن نسر به، ينبغي أن نباركه وأن نزكيه؛ لأن الأمة لما تتفاعل ولو بمجرد كلمة، أو حتى بدمعة، فهذا يؤكد حيوية هذه الأمة، ويؤكد بقاء هذه الأمة، ويؤكد أنه مهما كثر الرماد على هذا الجمر، ومهما كثرت المفرقات لهذه الأمة من الحدود الجغرافية، والحدود السياسية والحدود المذهبية، وانشغال كل فريق وطائفة بنفسه؛ إلا أن الأحداث التي تقع في الأمة شرقاً أو غرباً تجدد لنا الإيمان بوحدة هذه الأمة، وبقوة هذه الأمة، وببقاء هذه الأمة، فلذلك ينبغي أن نفرح بهذه العاطفة أولاً، وليس من الضروري أن نقرن الفرح بالسؤال؛ لأن السؤال قد يعكر ويكدر على فرحنا. إذاً: بفضل الله تعالى وبرحمته فليفرحوا، لنفرح بأن هذه الأمة تثبت حتى في الأزمات أنها أمة واحدة، يصاب فرد من أفرادها فيتألم الجزء الآخر، مصداق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )، ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ). فهذا مما ينبغي أن يفرح به بغير مثنوية، ولا نسأل ابتداءً ماذا بعد العاطفة؟ نقول: العاطفة بذاتها شيء جميل ومعنى نبيل، وروح قوي يسري في جسد هذه الأمة؛ فلنفرح به ولنباركه ولنزكيه، ولنعتبر أنه من أعظم الدلالات على حياة هذه الأمة وعلى بقائها، وعلى خلودها، وعلى أن روح الإيمان وإن كانت ضعيفة ومهزوزة إلا أنها باقية، توحد أفراد هذه الأمة وتجمع شتاتها. ولقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره )، والحديث وإن كان ضعيفاً؛ إلا أن له طرقاً كثيرة يشد بعضها بعضاً، وله شواهد كثيرة من السنة النبوية تؤكد على الأفضلية التي جعلها الله تعالى لآخر هذه الأمة، كما جعلها الله تبارك وتعالى لأولها. التالي الأمور الواجب توافرها في هذه الأمة حيوية الأمة مواضيع ذات صلة حال المسلمين يبشر بالنصر التغريب في الجانب الاجتماعي التعبئة الدائمة عوامل النصر وسائل معينة على استعادة أمجاد الأمة