الرئيسة ›برامج›برامج عامة›برنامج مستشارك›بعض فضائل النبي عليه الصلاة والسلام وبيان مكانته بعض فضائل النبي عليه الصلاة والسلام وبيان مكانته الأحد 13 محرم 1427هـ طباعة د. سلمان العودة 394 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.حين نذكر الهجرة النبوية نذكر أنها كانت بداية لظهور البنيان الحضاري الإسلامي، وبداية لتكوين الدولة والمؤسسات والمجتمع المسلم لأول مرة في التاريخ، ونذكر معها نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام، ونذكر ميلاده، ونزول جبريل عليه بالقرآن، كما نذكر تكليفه بالرسالة ووفاته وحصاره، والمعاهدات والمعارك التي خاضها والمناسبات التي عايشها، فلماذا اختيرت الهجرة لتكون بداية لتقويم وتأريخ جديدين، ولم يتم اختيار أي من المناسبات الكثيرة في حياته وحياة الأمة التي نشأت على الرسالة التي جاء بها؟ ولماذا كان لهذا النبي كل هذه المكانة في نفوس المسلمين عبر التاريخ؟ ولماذا تزداد المكانة رفعة في نفوس الناس، كلما ازداد وعيهم وفهمهم بشخصية هذا النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا الدين؟ ولكن ما لا يعرفه كثير من الناس أنه صلى الله عليه وسلم لم يقتل طوال حياته شخصاً واحداً ولم يضرب كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها بيده قط، لا امرأة، ولا خادماً، في عصر كانت المرأة تدفن وهي طفلة حية ربما داعبت شعر لحية أبيها، وهو يدفنها كما فعلت ابنة عمر بن الخطاب.فهو إذاً رجل لم يقتل ولم يضرب بيده أحداً، وهو من أمر الجنود في ساحات اللقاء مع العدو بعدم قتل من لا يقاتلهم، وألا يقطعوا شجرةً، ولا يقتلوا امرأة، ولا يدفنوا بئراً، وأن يجنحوا للسلم لمجرد أن يجنح عدوهم إليه. وهو من كان رحيماً بمخالفيه حين كان ضعيفاً لا نصير له إلا الله ونفر قليل من الناس، وقال لمن آذاه وطرده وحبسه هو ومن منعه في الشعب بمكة ثلاث سنين أكل فيها جلود الحيوانات وأوراق الشجر، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وبقي رحيماً معهم حين صار قوياً فاتحاً، وله جيش قوي فقال لظالميه حين ذلت نفوسهم وتمكن منهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.وهو الذي عاش ولم يشبع بطنه، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي، وهو الذي قال لـمعاذ: (أفتان أنت يا معاذ؟)؛ فقط لأنه أطال في صلاته ووراءه نفر فيهم العاجز والضعيف وذو الحاجة، هذا النبي هو الذي صورته ريشة رسام يقيناً لا يعرف عنه مما ذكرنا ومما لم نذكر شيئاً، فكيف يمكن أن تلتقي هذه الرسوم مع حقيقته عليه السلام، كيف يمكن لعقل المسلم الذي يعرف عن نبيه كل ما يعرف أن تقبل نفسه هذا التشويه؟ ولكن هل يختلف ما فعله هذا الرسام عما فعله بعض العرب حين جاءهم برسالته التي هي دواء يشفيهم من صلفهم وجهلهم وسوء سلوكهم، ومع ذلك ضربوه وطردوه وجعلوا صبيانهم يلاحقونه ليرموه بالحجارة.المشهد واحد، بينما رسمته يد رسام جاهلٍ بحقيقة سيد الخلق من القرن الواحد والعشرين الميلادي، وما فعلته أيادي جهلة من القرن السابع الميلادي، وطبيعي أن تكون ردود فعل المسلمين غاضبة؛ لأن الشخص المستهدف رمز للطهر والعفاف والسلم والرحمة، هو كذلك عند المسلمين الذي يعرفون قدره عن علمٍ، أو يعرفون قدره بعواطفهم التي نمت وترعرعت على حبه وتقديره واحترامه.لقد شوّه هذا العابث رجلاً كان وسيبقى رمزاً للإنسانية والخير ... ولن تهز الرسوم مكانته، لا عند خالقه الذي يتكفل في جعله في مقام محمودٍ عنده في الجنة، ولا عند من آمن به، ولكن كيف نقرأ ما حدث قراءة هادئة مع كل الغضب الذي أثارته، ولا تزال تثيره تلك الرسوم، هذا ما سنفعله مع ضيف حلقتنا فضيلة الشيخ الدكتور سلمان العودة المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم).شيخ سلمان! أهلاً وسهلاً ومرحباً بك ضيفاً على (مستشارك)، بارك الله فيك! الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: حياكم الله. المقدم: الهجرة ما من شك أن لها مدلولات كثيرة، وسؤالي ذو شقين: الشق الأول: ما هو مدلولها؟ والشق الثاني: لماذا كانت الهجرة بداية للتقويم؟الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بسم الله الرحمن الرحيم.دعني أعقب على حديثك الجميل في مطلع هذا اللقاء فيما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، سمعنا وأنت تستعرض نماذج جميلة من حياته صلى الله عليه وسلم، ويترامى إلى ذهني عدد من المواقف التي يجب ألا تمر مرور الكرام. على سبيل المثال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عظمه ربه ورفع قدره حتى قال: (( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ))[الشرح:1-2]. إلى قوله سبحانه: (( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ))[الشرح:4]، وقال سبحانه: (( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ))[الكوثر:1]، والعلماء يقولون: الكوثر هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة. يوم نزلت هذه الآيات في مكة كان النبي صلى الله عليه وسلم شريداً طريداً خائفاً محارباً في دعوته ودينه وشخصه عليه الصلاة والسلام، وكانت دعوته محاصرة، وكان هذا من أعظم دلائل نبوته، فاليوم نحن نقرأ هذه الآيات، ونرى هذه الجموع بالملايين التي تغضب له صلى الله عليه وسلم، فلا نستغرب، لكن لو تأملنا يوم نزلت لأدركنا أن الله تعالى كان يتحدث عن أمرٍ لم يقع بعد.. المقدم: مستقبلي.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: نعم، مستقبلي، وكان هذا من أعظم دلائل نبوته وعظمته عليه الصلاة والسلام. وفي الوقت ذاته تقلب الصورة الأخرى ستجد أن الله تعالى الذي أكرمه واصطفاه واختاره عليه الصلاة والسلام وأعطاه هذه الخصائص العظيمة، وفضله على الخلق كلهم جميعاً عليه الصلاة والسلام، فهو سيد ولد آدم كما قال عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك تجد أن الله تعالى يعاتبه في القرآن الكريم أحياناً، حتى في مكة: (( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى ))[عبس:1-2]، حتى يقول له ربه: (( فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ))[عبس:10]، فلا يملك صلى الله عليه وسلم إلا أن يقرأ هذه الآيات على الناس، ويسمعها الموالي والمعادي والعدو والصديق، والقريب والبعيد، وكثيرون سيشمتون بالنبي صلى الله عليه وسلم وسينالون منه، لكن جدارة الرسالة ووضوحها وصفاؤها يمنع أن يخفى شيء حتى قالت عائشة رضي الله عنها: ( لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً مما أوحى الله إليه لكتم قوله سبحانه: (( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ))[الأحزاب:37] ).فكثيراً ما أتأمل وأقول: لو أن أحداً منا قال له أبوه أو أستاذه، أو مسئوله في العمل: أنت تخاف الناس والله أحق أن تخافه، لكتم هذه في نفسه وتألم منها، ولم يتحدث بها عند الناس، أما النبي صلى الله عليه وسلم فيعاتبه ربه سبحانه بمثل هذا، فلا يملك إلا أن يقرأ هذا على الناس، وكان هذا من أعظم دلائل نبوته؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يعاتب نفسه بهذه الطريقة، ويخاطبها بهذا الأسلوب. المقدم: ويبقى العتاب خالداً إلى يوم الدين.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ويبقى العتاب خالداً، بل يقرأ في الصلاة الجهرية ويلقن للصحابة رضي الله عنهم، أو أيضاً يترامى إلى ذهني موقف آخر وهو أيضاً موقف من المواقف الكثيرة العجيبة؛ أن الله سبحانه وتعالى لما حصلت المشكلة مشكلة السرقة واختلف الناس، فاتهم فيها يهود واتهم فيها بعض المنتسبين إلى الإسلام، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تتضح له الصورة ودافع عن بعض هؤلاء المسلمين، وأنزل الله تعالى عليه: (( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ))[النساء:105]، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب بخطاب رباني وعتاب، ويقرؤه على الناس بهذه الطريقة.أعجب من هذا أننا نجد أن كل إنسان له مكانة وله سلطان وله أتباع يحرص على حفظ هؤلاء الأتباع، النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام مات ولده إبراهيم فكسفت الشمس، فمن عادة الناس في تعلقهم بمن يحبون أنهم قد يفسرون بعض الظواهر الكونية بأمر مرتبط به، حتى أنك تجد أحياناً لما يأتي إنسان كبير القدر في بلد فيصادف نزول المطر تجد أن الشعراء كثيراً ما يربطون قضية نزول المطر بمجيء فلان ويتحدثون عنها، هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم قالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم، وربما كان في قياس الناس أن هذه فرصة لتدعيم مكانة هذا المتبوع ولو كان الهدف من هذا التدعيم هدفاً شريفاً عظيماً بأن يطيعوا ربهم سبحانه، وأن يلتزموا أمره وقيمه وأخلاقه التي جاء بها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يفوت هذه الفرصة بل يقوم فيهم خطيباً، ويقول لهم: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسف لموت أحد ولا لحياته )، ليضع الحق في النصاب، وأن القضية هذه ما لها علاقة بموت إبراهيم عليه الصلاة والسلام.فأقول: كل موقف وكل لحظة تشهد بنبوته عليه الصلاة والسلام، حتى أني أتمنى أن يكون من المسلمين أو من العلماء -ويخطر في بالي أن أحاول هذا- أن يُكتب كتاب لا يقرؤه أحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أحبه، مسلم أو كافر، وهذا ليس.. المقدم: وربما هذه الحادثة تكون عاملاً يشجعنا على التوجه لهذه .. التالي نموذج للإساءة التي تعرض لها النبي في حياته برنامج مستشارك مواضيع ذات صلة رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام والأسباب الميسرة لها خلقه صلى الله عليه وسلم مع المخالفين المعلنين كيفية تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه وخصومه التعامل النبوي مع بعض الأخطاء هدوء النبي صلى الله عليه وسلم في معايشة الحياة