ÇáÑÆíÓÉ ›دروس›إشراقات قرآنية›سورة الشورى - 2›إشراقات في قوله تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض..) إشراقات في قوله تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض..) الخميس 2 جمادى الأولى 1437هـ طباعة د. سلمان العودة 1798 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ: فهنا الله سبحانه وتعالى يقول في المقطع الثاني: ((وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ))[الشورى:27]، فيبين سبحانه أن الله عز وجل لما خلق الكون والأرض وجعلها مهبطاً لـآدم وللبشر جعل فيها نواميس وأنظمة في الرزق اعتدال، بحيث أن ما في الأرض من المطر، أو من النباتات، أو من الخيرات ((وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا))[النازعات:30]، مدحوة مملوءة، هذا بقدر ما يحتاجه الناس، على قدر الاعتدال، فلو كان الرزق للناس أكثر من ذلك لترتب عليه فساد نظام الكون، ولو كان أقل من ذلك ترتب عليه أيضاً نوع من الفساد، سبحان الله! مثل الشمس، الآن العلماء يقولون: الشمس لو اقتربت من الأرض شيئاً يسيراً لاحترق ما تأتي إليه أشعتها، ولو ابتعدت ما الذي يصير؟ مداخلة: تجمد.الشيخ: تجمد، فكل شيء في هذا الكون موضوع باتزان وبقدر، فالله عز وجل هنا يقول: ((وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ))[الشورى:27]، ترتب على الرزق البغي؛ لأن طبيعة الإنسان أنه مؤهل للكبر والنسيان والغفلة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نعم المال الصالح للرجل الصالح)، المال ليس مذموماً لذاته، لكن شرط أن يكون مالاً صالحاً، سماه المال الصالح، وهذا مصطلح، ولمن؟ للرجل الصالح، في مدخل المال وفي مخرجه، وإلا الإنسان مهيأ للكبر وللبغي وللظلم وللعدوان، وهذا نجده في الناس، ولا يقمع هذا الشر، وهذه العدوانية في طبيعة الإنسان إلا الإيمان بالله، والتعبد، ولذلك التعبد من معانيه الذل، أن يذل الإنسان لربه سبحانه، ولذلك قال: ((رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ))[النور:37]. أيضاً بعض الناس لو أن الله بسط لهم الرزق مثل بعض المؤمنين ربما انشغلوا عن إيمانهم وطاعتهم، وترتب على ذلك شر بالنسبة لهم، وقد ورد أن هذه الآية نزلت في بعض المؤمنين، ولا شك أن المؤمنين بـمكة كانوا فقراء في الغالب، وأموالهم سطا عليها المشركون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما (قيل: أتنزل غداً في دارك بـمكة ؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟)، المشركون أخذوا أموال المسلمين وبيوتهم، ومورثاتهم. وكذلك في المدينة كانت التجارة بيد اليهود في الغالب تجارة الذهب وغيرها، والأوس والخزرج كانوا أحسن حالاً، عندهم زرع، وعندهم خير، وهم أول مجموعة آمنت بالله ورسوله واستطاعت أنها تقوم بالجانب المادي، لكن المهاجرون كانوا فقراء، ولذلك يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه: إن هذه الآية نزلت فينا، رأينا أموال بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع، فتمنيناها، فأنزل الله تعالى هذه الآية.وكذلك ورد عن مقاتل وغيره: أن الآية هذه نزلت في أهل الصفة، وهم فقراء المسلمين الذين كانوا يسكنون في صفة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويطعمهم الرسول صلى الله عليه وسلم مما يأتيه، وعلى هذا الادعاء تكون الآية مدنية، وقد ذكر بعض أهل العلم أنها مدنية، لكن الراجح أنها مكية، وهذا ليس نصاً أيضاً هو ليس ثابتاً هذا القول، ولكن على ثبوته ليس نصاً في أن الآية نزلت بخصوص هذا الموضوع، ولكن نزلت في هذا وأشباهه يعني، أن هذا مما تحتمله الآية. فالله سبحانه وتعالى يقول: ((وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ))[الشورى:27].على المؤمن وهو يقرأ هذه الآية أن لا يكون همه التزود المفرط من الدنيا، اطلب ولكن أجمل في الطلب كما قال عمر بن عبد العزيز ، بل في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب)، لا تبالغ، ولا تسأم أو تنزعج إذا حرمك الله سبحانه وتعالى من خير أو صفقة من الدنيا، إن جاءت خير وبركة وافعل لها السبب، وإن ذهبت فتلمس حكمة الله ورحمة الله ولطف الله بك، إن الله تعالى حماك من هذا، وهو كله شيء كلا شيء بالقياس إلى ما عند الله في الدار الآخرة، ويكفيك (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر آخر أهل الجنة دخولاً، آخر واحد، وذكر أن هذا الرجل يعطى مثل الدنيا وعشرة أمثالها)، تخيل (مثل الدنيا) منذ خلقت الدنيا، (وعشرة أمثالها). إذاً الكلام هنا عن الآخرة شيء مختلف عن مقاييسنا ومعاييرنا ونظرتنا، وإن كان كثير من الناس يؤثرون النقد على النسيئة، يؤثرون الفاني على الباقي، يؤثرون العاجل على الآجل، لكن هنا ربنا سبحانه قال: ((وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ))[الشورى:27]، (بقدر) يعني: بمقدار معتدل ومعيار لا يزيد ولا ينقص، وهذا راجع إلى مشيئته سبحانه، وهو كله كلا شيء بالقياس إلى ما عند الله تعالى في الدار الآخرة.((إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ))[الشورى:27]، ما هو الفرق بين خبير وبصير؟ طبعاً أسماء الله الحسنى عظيمة جداً، وينبغي على العبد أن يتدبرها، وبينها تقارب في حالات كثيرة وتشابه، لكن هنا المقصود بالخبير -والله أعلم- الذي يعلم المتوقع من أحوال عباده، يعني: يعلم أن هذا الإنسان لو اغتنى لضل، وإن كان هذا لم يحدث، لكن الله تعالى بخبرته يعلمه، ويعلم أن هذا الإنسان لو اغتنى لزاده الغنى جوداً وبراً وكرماً وإحساناً، إذاً الخبير متعلق بشيء متوقع ولو لم يقع، أما البصير فهو متعلق بشيء قائم يراه سبحانه من عباده، فهو يعلم أحوالهم، ويعلم ما يمكن أو ما يتصور أن يحدث منهم. التالي إشراقات في قوله تعالى: (وهو الذي ينزل الغيث..) سورة الشورى - 2 السابق موضوع سورة الشورى سورة الشورى - 2 مواضيع ذات صلة وجه وصف الساعة بلفظ المذكر معنى (الولي) و(الحميد) إشراقات في قوله تعالى: (له ما في السموات وما في الأرض..) معنى الاجتباء معنى قوله: (ولكن يدخل من يشاء في رحمته.. )