ÇáÑÆíÓÉ ›برامج›مع المصطفى›لا تغضب›الهدي النبوي في التعامل مع الغضبان حال غضبه الهدي النبوي في التعامل مع الغضبان حال غضبه السبت 9 رمضان 1425هـ طباعة د. سلمان العودة 844 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الجانب الآخر في هذا الهدي النبوي العظيم: النبي صلى الله عليه وسلم هنا لم يذهب إلى الرجل ليقول له: يا فلان! اتق الله ولا تغضب، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإنما قال يخاطب أصحابه الذين حوله، والرجل لا يسمعه، ( إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد، فذهب أحد الصحابة ) في بعض الروايات أنه معاذ بن جبل رضي الله عنه، ( وهمس في أذن الرجل وقال له: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )، فلاحظ كيف رد فعل الرجل؟ غضب زيادة وقال: أنا مجنون؟ أتراني مجنوناً؟ هل فيَّ شيء؟ ما فيَّ بأس، اذهب.إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم هنا لماذا لم يخاطب الرجل مباشرة، وإنما خاطبه من وراء وراء؟ علم أصحابه، علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل في حالة غضب، وأنه ربما لو خاطبه لقال للنبي صلى الله عليه وسلم قولاً شديداً، ومثل هذا لا يليق بأحد أن يقع منه، قد يكون هذا الرجل الذي غضب -كما في بعض الروايات- قد يكون منافقاً، وقد يكون من الأعراب الذين لا زالوا في بداية الطريق ولم تتهذب نفوسهم، وقد يكون إنساناً بطبيعته أنه صاحب غضب وانفعال؛ ولكن لم يتمكن الإيمان والتهذيب والتربية الإيمانية في قلبه، المهم أن هذا الرجل كان من الممكن أن يفقد دينه لو أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبه مباشرة بترك الغضب؛ لئلا يستجيب للنبي صلى الله عليه وسلم، ويقول مثل ما قال لـمعاذ: أتراني مجنوناً؟ اذهب عني، وهذا قد يكون لـمعاذ أهون بكثير من أن يقال لسيد ولد آدم؛ سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.فهنا تلاحظ كيف رحمة النبي صلى الله عليه وسلم، كيف أسلوبه في التعليم، هذا نوع من التعليم غير مباشر، يعني: الداعية من هنا نلاحظ -من هذه الحادثة- أن الداعية يجب عليه أن يراعي ظروف المدعوين.. ظروف المخاطبين، الخطيب، المعلم، حتى الأب، الزوج، يجب أن نراعي الظروف، يعني: هذا الإنسان الذي أمامك ليس مجرد أعضاء ولحم ودم، لا، هو كتل من المشاعر والأذواق والارتباطات، والمعاني والتجارب والأخطاء أيضاً، والأشياء التي ربما في الطفولة تلقاها الإنسان ولا سبيل له إلى التخلص منها بسهولة، فأنت حينما تتناول هذا الإنسان لا تحكم فقط على فعل مجرد، أو خطأ، أو موقف عابر، أو كلمة عابرة، وتعتبر أن هذا الموقف يلخص هذا الإنسان ويختصره ويبين عنه، لا، قد تجد إنساناً عنده تقصير، أو يمارس معصية، فلا تختصره في هذه المعصية، وتعتقد أن هذا الإنسان من أهل النار، لا، هذا الإنسان قد يكون فيه خير وفيه إيمان، وقلبه يشتعل حسرة وندم على ما يقع منه؛ ولكن ابتلي بمثل هذه الأشياء، ( وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون )، ( ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون، فيغفر الله تبارك وتعالى لهم )، بل في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه الجماعة وصححه بعض أهل العلم كالشيخ الألباني وغيره، أنه: ( ما من مؤمن إلا وله ذنب هو مقيم عليه، أو ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، إن المؤمن خلق مفتناً تواباً نسياً، إذا ذُكِّر ذَكَر )، فعلينا ألا نختصر الناس في موقف محدد أو خطأ أو ذنب، وإنما ندرك أن هؤلاء الناس لهم ظروف نفسية وأوضاع، وأن الإنسان قد يتكلم في حالة الغضب أو الرضا، وقد يتكلم وهو مذهول أو محزون أو غير ذلك، فنحتاج إلى التلطف معه في إيصال هذه الرسالة والدعوة، وألا ننقلهم من الوضع الذي هم فيه إلى ما هو شر منه، من خلال الأسلوب الذي قد يكون فيه تجاهل لظروفهم وأوضاعهم، وإنما همنا ... ومهمتنا وحرصنا أن ننقلهم من الوضع الذي هم فيه إلى وضع أحسن، وهذا يتطلب قدراً كبيراً جداً من الرحمة والرفق واللين والصبر، وفي كثير من الأحيان يتطلب نوعاً من الدعوة غير المباشرة، بمعنى: ألا تخاطبه في وجهه، وألا تجبهه بالكلام، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً في المنبر، وفي المناسبات -كما في الصحيحين وغيرهما- كثيراً ما يقول: ( ما بال أقوام يقولون كذا، ويفعلون كذا؟ )، ثم يبين هذا الأمر، فليس من الضرورة أن تتحول الدعوة إلى نوع من فضح فلان أو علان، ولا مواجهته أو مجابهته، ولا القسوة عليه، ولا تجاهل الظروف والأحوال والبيئة والمناخ والوعاء الذي تربى فيه هذا الإنسان، نستطيع أن نصنع الكثير جداً، ونستطيع أن نتألف كثيراً من الناس على الخير، ونقربهم إذا رفقنا بهم، وقدرنا ظروفهم، ووضعنا أنفسنا في موضعهم، وحاولنا إذا وجدنا أن هذا الإنسان نافر أو غير متقبل أو في وضع لا يساعده الآن أن نعطيه بعض المهلة، نعطيه بعض الوقت، ممكن أحياناً نستخدم أسلوب الدعوة غير المباشرة، يمكن تأمر غيره وأنت تقصده، وعلى طريقة المثل: (إياك أعني واسمعي يا جارة). يمكن أن تثني وتمدح جوانب وأنت تقصد أن ينتبه لها، أو تذم جوانب أخرى وأنت تقصد أيضاً أن يحذر منها، أو تذكر قصة أو أسلوباً من الأساليب الذي فيه تريبة وتعليم وبناء دون أن يكون تجاهلاً لوضع هذا الإنسان، وظروفه الاجتماعية والنفسية والعقلية التي يمر بها، إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة، وعلى أتباعه أن يكونوا رحمة كذلك، من خلال تقدير ظروف الناس وأحوالهم، ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.وكما ( ورد عن بعض الشعراء أنه جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بعض الشعر فقال: يا رسول الله! من أجمل ما قلت: فحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم تحيتك الحسنى وقد يرفع النغل فإن دحسوا بالكره فاعف تكرماً وإن جحدوا عنك الحديث فلا تسل فإن الذي يؤذيك منه سماعه وإن الذي قالوا وراءك لم يقل ) وصلى وسلم على معلم الناس الخير، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. السابق خلق الغضب لا تغضب مواضيع ذات صلة اختصار موضوع الأدب أخلاقيّات الأخطاء إشارة حديث: (ويتحرى الصدق) إلى مجاهدة النفس على الصدق حتى يصبح سجية شهر الحلم حسن الخلق