ÇáÑÆíÓÉ ›برامج›السلام عليكم›السلام عليكم [9]›تحقيق الإنسان السلام مع طبيعته تحقيق الإنسان السلام مع طبيعته الثلاثاء 5 رجب 1424هـ طباعة د. سلمان العودة 1004 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص المقدم: ... من برنامجكم: (السلام عليكم).مع بداية حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة: الشيخ سلمان بن فهد العودة؛ المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم، فأهلاً ومرحباً بكم شيخ سلمان.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بارك الله فيك، حياكم الله. المقدم: استكمالاً لحديث بدأناه في حلقة ماضية حول السلام مع النفس، هنالك موضوع مهم لا بد أن نتطرق إليه في هذه الحلقة: وهو السلام مع طبيعة الإنسان، لكل إنسان طبيعة تختلف عن طبيعة الإنسان الآخر، كيف يمكن للإنسان أن يحقق السلام مع طبيعته؟الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بسم الله الرحمن الرحيم.نحمد الله ونثني عليه الخير كله، ونصلي ونسلم على خاتم رسله، وأفضل أنبيائه وخيرته من خلقه؛ محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.نعم، لكل إنسان طبيعة، وربما أشرنا إلى جانب من هذا الموضوع سابقاً، وتكلمنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف أن الله تعالى جعله قدوة للناس كلهم: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ))[الأحزاب:21]، ولذلك كان عنده من السعة في طبيعته والاعتدال في مزاجه ما يتوافق فيه مع معظم أحوال الناس، وقد جاءته الوفود من جميع الأمصار والأقطار والبلاد والقبائل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في قدرته على استيعاب هؤلاء واحتوائهم والتعامل معهم، حتى بلغتهم وبأفكارهم وبأسرارهم وبأخبارهم وبما يناسبهم، كان صلى الله عليه وسلم في الغاية من ذلك؛ لأن الله تعالى جعله هداية للناس كلهم، وهكذا تجده في مطعمه، في مشربه، في ملبسه، في تصرفاته وأقواله وأعماله وأخلاقه عليه الصلاة والسلام. المقدم: في تعامله مع الطباع المختلفة، مع الرجل، مع المرأة، مع الطفل، مع الخادم. الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: نعم نعم، بالنسبة للناس الآخرين، كل إنسان له طبع، من الناس من يغلب عليه الجد، فتجده صارم القسمات، ومن الناس من يغلب عليه الهزل، فهو دائماً يؤثر النكتة والطرفة والضحكة، من الناس من يكون قوياً، ومنهم من يكون ضعيفاً، منهم من يكون مهتماً بالجوانب النظرية أو الجوانب العلمية، أو له ذوق خاص في المأكل، أو ذوق في المشرب، أو ذوق فيما يراه أو فيما يسمعه، هذا من طبع الناس الذي جبلوا عليه، فهذا التنوع جعله الله تعالى من أسرار بقاء الحياة؛ لأن الحياة تحتاج إلى المدير، وتحتاج إلى المفكر، وتحتاج إلى الخطيب، وتحتاج إلى الصانع، وتحتاج إلى النجار.. وإلى جميع أصناف الناس، فجعل الله تعالى الناس بهذه الطبيعة، ووزع عليهم هذه المواهب وهذه الملكات والقدرات حتى يعمر الكون. إذاً: على الإنسان أن يعرف الطبيعة التي تخصه، والأشياء التي يتميز بها ويتعاطف ويتجاوب مع هذا الجانب.النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً لاحظنا أنه كان في الذروة العليا في اعتدال مزاجه وذوقه صلى الله عليه وسلم وطبيعته، ومع ذلك نود أن نذكر بأنه عليه الصلاة والسلام لم يترك شيئاً من الطيبات؛ لأنه من الطيبات، وهذا معنى وإن كان بسيطاً وواضحاً إلا أنه مهم، يعني: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً؛ لأنه قال: والله هذا طعام طيب أنا لا آكله، تنزهاً أو زهداً أو ورعاً، ولا شراباً طيباً، ولا ملبساً أو مأكلاً أو شيئاً، لكنه كان صلى الله عليه وسلم لا يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً، فكثير من الناس ربما يغلب عليهم أو يظنون أن من مقتضى التدين ومن مقتضى الإيمان.. المقدم: ترك الطيبات.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ترك الطيبات، الله تعالى يقول: ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ))[الأعراف:32]. ومن الطريف: أنه كان بعض السلف يأكل من الطعام الطيب -كما نقل هذا عن ابن المبارك وغيره- كانوا يأكلون من الطعام الطيب، ومن ألوان الحلوى وغيرها، فإذا قال لهم قائل: كيف تأكلون هذا وتتوسعون فيه، وأنتم أهل الخير والعبادة والعلم والحديث؟ قال: أعلف الزنجي ثم كده. يعني: هم يعلفون أنفسهم، يأكلون الأكل الطيب، ثم يقومون بالواجبات والتبعات، ويعمرون هذا الجسم. إذاً: عمار الجسم وصحة الجسم وعافيته هي مطلب؛ إذا كان ذلك عوناً للإنسان على مصالحه الدينية أو مصالحه الدنيوية، فهكذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئاً من الطيبات؛ لأنه طيب. المقدم: لكن ما ينقل يا شيخ! الآن يعني بعض المتحدثين: الخطباء، الوعاظ، ينقلون بعض القصص التي ربما تسطر في بعض كتب التاريخ عن بعض الأئمة، وإن كانت قد لا تثبت مثل هذه الأمور، لكنهم ينقلونها على سبيل تشويق الناس، وضرورة اتباع منهجهم في ردهم لكثير من الطيبات..الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: صحيح. المقدم: أربعين سنة ما شربت مثلاً اللبن، أربعين سنة ما أكلت الفاكهة.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بالعكس، النبي صلى الله عليه وسلم ( لما جاءه الأنصار.. النفر الثلاثة -كما في الصحيح- وقال أحدهم: لا آكل اللحم، لا أتزوج النساء، لا أنام الليل على فراش، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أصوم وأفطر، وأنام وأستيقظ، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني )؛ ولهذا نقول: إن هدي الإسلام هدي معتدل، وأما بعض هذه الأشياء التي تنقل في الكتب كما في حلية الأولياء لـأبي نعيم ، وفي صفة الصفوة لـابن الجوزي قدر من ذلك، في كتب الوعظ بشكل عام، هذه الأشياء منها أمور أصلاً لا تكون صحيحة، وقد يكون في أشياء صحيحة لكنها تكون استثناء، قد تناسب مزاج شخص معين، الإمام أحمد رحمه الله من المأثور والمعروف عنه أنه كان رجل مقتصد في طعامه وفي شرابه وفي لباسه، هو لا يعتبر أن هذه عبودية عامة لكل الناس، وإنما هذا هو الذي يناسب طبيعته، كما ذكرت، فكان من السلام مع طبيعته أنه لا يتوسع في هذه الأشياء؛ لأن نفسيته لا تتقبلها.. المقدم: ولا يفتي للناس بها.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: ولا يفتي للناس بها، ولا يحمل الناس عليها؛ بل تلاحظ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشمولية هديه وسعته، قال لما سأله الرجل: ( يا رسول الله! أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسن، وأن يكون نعله حسناً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال )، وفي حديث آخر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( البذاذة من الإيمان )، والبذاذة كما يقول العلماء: هي الاعتدال أو التواضع في الملبس. إذاً: عندنا هدي واسع فيه شمولية، من الناس من يروق له جميل اللباس، وحسن الهندام، وطيب الطعام، ويأنس بذلك، طبيعته تريد هذا، الأمر فيه سعة ما دام في دائرة المباح؛ بل قد يكون عوناً للعبد على طاعة الله عز وجل، ومن الناس من لا تهش نفسه لهذه الأمور أصلاً ولا يرتاح إليها ولا يريدها، فمثل هذا أيضاً ليس مطلوباً أن يتكلف ضد طبعه، وأن يعود نفسه على مثلاً اختيار أجمل الأطعمة والألبسة وغيرها، وإنما المطلوب القدر المعتدل الذي يتناسب مع الذوق العام، من غير المعقول أن يكون الإنسان أمام الناس مثلاً أو في مجامعهم أو مناسباتهم ويكون عليه ما يؤخذ؛ لأن هذا قد يعتبر نوعاً من الشهرة، وكما أنه من الشهرة أن الإنسان يبالغ في لباسه وفي شكله وهيئته كذلك من الشهرة أن يبالغ الإنسان في التواضع وإظهار الزهد حتى ربما يشار إليه بالبنان، وهذا مذموم، وذاك مذموم، والقدر المعتدل الوسط هو الذي جاءت به الشريعة. المقدم: لكن الأمر الأهم الذي أشرتم إليه أيضاً فضيلة الشيخ! وهو ألا يحمل الناس على هذا الطبع الذي هو ينسجم مع طبيعته، بعض الناس الآن ربما يحمل بيته وأهل بيته وأبناءه على طبيعته، هو يرفض بعض أنواع المباحات؛ لأنها لا تناسب طبيعته، ومع ذلك يحجر على الآخرين من أجل أن يوافقوا طبيعته، هذا أيضاً لم يحقق السلام.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: نعم، الشريعة الإلزام فيها بهدي الله تعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أحوال الناس الخاصة وطبائع الناس الخاصة مما قد يكون وجد في زمان بعض السلف، خصوصاً لما انفتحت على الناس الدنيا، ووجد عند الناس توسع شديد، وهم حدثاء عهد بالنبوة وبالخلافة الراشدة، فوجد عند بعض الصالحين نوع من العزوف والإعراض، وبالغوا في نهي الناس عن ذلك، حتى ولو كان في دائرة المباح، ومقصودهم من هذا: هو حجب الناس عن الافتتان بالماديات، وعن الانشغال والانهماك بها، وما قد تجره من الإعراض عن الله تعالى وعن عبادته وعن طاعته وعن الجهاد في سبيله، وعن حفظ حقوق الناس مما هو معروف. التالي تحقيق السلام مع القدر السلام عليكم [9] مواضيع ذات صلة الإيمان بأحلام الموهوب هوية الوعي بالذات والاستقلالية معنى السعادة التفكير النقدي المشكلة وأثرها على حياة الفرد