ÇáÑÆíÓÉ الفتاوى1429 هـالمسح على الجوارب المصنوعة من القماش

المسح على الجوارب المصنوعة من القماش

رقم السؤال: (159061).
التاريخ: الثلاثاء 22/ جمادى الأولى/ 1429 الموافق 27/ مايو/ 2008م.

السؤال :

هل يجوز المسح على الجورب الذي من القماش؟ وما كيفية المسح عليه؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
جاءت الشريعة الإسلامية بالرخصة في المسح على الخفين بدل غسل القدمين في الوضوء، وقد تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قد صرح جماعة من أهل العلم بأن أحاديث المسح على الخفين متواترة تُوجِب العلم. وهذا من تيسير الله تعالى، وتخفيفه على عباده.
والأصل في الخفين أن يكونا من جلد. ، لكن لو كانا من صوف أو قطن أو كتان أو غير ذلك من الأقمشة -كما هو الحال في الجوارب المعروفة- فإن لها نفس الحكم، وقد جاء عن الأزرق بن قيس قال: ( رأيت أنس بن مالك أحدث، فغسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ فقال: إنهما خفان، ولكنهما من صوف ). وقد ثبت المسح على الجوربين من فعل علي، و أبي أمامة، و البراء، و أبي مسعود، رضي الله عنهم.
بل جاء في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين ). فدل ذلك على جواز المسح على الجوارب كما يمسح على الخفاف؛ إلا أن جمهور الفقهاء اشترطوا في الخف أو الجورب الذي يمسح عليه؛ أن يكون صفيقًا (سميكًا) لا يشف، وأن يغطي محل الفرض؛ فمنعوا المسح على الجورب الرقيق والذي به خروق.
والصواب: أنه لا يشترط شيء من ذلك، وأن كل ما سمي خفا أو جورباً، ولبسه الإنسان ومشى به؛ جاز المسح عليه، وإن كان رقيقاً أو به خروق، وهو رواية في مذهب أحمد اختارها شيخ الإسلام، وهو محكي عن عمر وعلي رضي الله عنهما. ويؤيد ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين مطلقاً، ومن المعلوم أنهم كانوا فقراء، وكانوا يلبسون الجوارب والخفاف المخرقة والممزقة، ويلفون اللفائف على أقدامهم، ويمسحون عليها، وكل ما سمي بالخف، أو بالجورب، أو الجرموق، أو الموق، أو نحوها؛ جاز المسح عليها، وكل ما كان بمعناه، أي: أنه يلبس على القدم للبرد، أو خوف الحفاء، أو ما أشبه ذلك؛ فإن الرخصة خليق أن تلحق به، كما ألحقت بالخف من غير اشتراط شيء.
ولذلك جاء في السنة ما يدل على هذا، ففي حديث ثوبان رضي الله عنه قال: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين ) وإسناده قوي كما قال الذهبي. وإنما يشترط لجواز المسح على الخفين أو الجوربين: أن يلبسهما على طهارة -وضوء أو غسل- لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما ). فإذا لبسهما على طهارة؛ فيشرع له المسح عليهما بدل غسل الرجلين يوماً وليلة إذا كان مقيماً، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافرًا؛ لما رواه مسلم في صحيحه من حديث شريح بن هانئ قال: ( أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم ). و يبدأ حساب هذه المدة من أول مسح -وليس من بداية لبسه- في أصح أقوال العلماء، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو قول الأوزاعي، و أبي ثور، و ابن المنذر، ورجحه النووي. أما عن صفة المسح على الخفين: فالصواب أنه يمسح ظاهر الخفين ولا يمسح باطنهما، لحديث علي رضي الله عنه أنه قال: [لو كان الدين بالرأي؛ لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه]. فيبلل أطراف أصابعه بالماء، ويمسح بها ظاهر الخف الأيمن ثم الأيسر، ولو مسحهما معاً أجزأه ذلك، والله أعلم.