الله الستيّر
الستير من الستر، والستر الإخفاء.
ويأتي الستر بمعنى المنع: (
من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار ).
.
وورد هذا الاسم الكريم في السنة؛ فقد روى
أبو داود من حديث
يعلى (
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ).
وعند
النسائي و
ابن ماجه : (
إن الله عز وجل حليم حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ).
وقد اشتهر اسم (الستير) عند بعض الناس بأنه (الستار) حتى تسمى أناس بالإضافة إليه، وهو قريب في اللفظ والمعنى .
وعند
البيهقي عن
عكرمة عن
عبد الله بن عباس : [
أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن، فقال لهم ابن عباس : إن الله ستير يحب الستر، كان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم، فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله، فأمرهم الله عز وجل أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله عز وجل، ثم جاء الله عز وجل بعد بالستور وبسط عليهم في الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال، فرأى الناس أن تلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمر به]. اهـ
والستير روايتان، إحداهما (الستير) بكسر السين وتشديد التاء مكسورة، والثانية (الستير) فتح السين وكسر التاء مخففة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه بالستر، كما ورد عند
أبي داود عن
ابن عمر قال: (
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ).
والله سبحانه وتعالى هو الستير؛ يستر على عباده ولا يفضحهم في الشاهد، يحب من عباده الستر على أنفسهم واجتناب ما يشينهم، تارك لحب القبائح، ساتر للعيوب والفضائح. وهو الحيي فليس يفضح عبده عند التجاهر منه بالعصيان لكنه يلقي عليه ستره فهو الستير وصاحب الغفران والستير سبحانه يأمر بالستر، ويكره المجاهرة بالمعصية : ((
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ))[النور:19].
وفي الحديث عن
أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (
كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه
البخاري .
والمؤمن إن وقع في معصية أو تقصير في واجب بالغ في الستر على نفسه، وقد ورد أن بعض السلف خرج إلى الصلاة فاستقبله الناس خارجين من المسجد، فغطى وجهه ورجع.
إلهي بما أوليتني منك رحمة من الستر باللطف الخفي أدم ستري وكن لي معيناً في الشئون وناصراً وغوثاً وذخراً واجبر الكسر بالنصر ولا تخزني يا من إليك تضرعي وسهل أموري إنني حرت في أمري والله سبحانه وتعالى يقول لعبده المذنب يوم القيامة: (
عملت كذا وكذا؟ فيقول نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، فأنا أغفرها لك اليوم ).
.
والستير سبحانه يحب الستر ويحث عليه ويرغب فيه، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (
ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة )
.
والستير سبحانه لا يحب تتبع عورات المسلمين وكشفها؛ لأن من أسمائه الستير ، وفي الحديث عن
أبى برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ) كما عند
أبي داود وغيره.
لك الحمد يا ألله يا مجمل الستر لك الحمد ما دامت نجوم السما تجري منحت وأوليت الجميل ولم تزل لطيفاً بنا من حيث تدري ولا ندري