ÇáÑÆíÓÉ ›دروس›إشراقات قرآنية›جزء تبارك›سورة المعارج›إشراقات في قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع) إشراقات في قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع) الاثنين 5 رمضان 1436هـ طباعة د. سلمان العودة 4882 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص يفتتح الله عز وجل هذه السورة بقوله: ((سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ))[المعارج:1]. ومعنى الآية: أن داعياً دعا وسأل واستعجل العذاب الواقع. بيان ما تضمنه قوله تعالى (سأل سائل بعذاب) إذاً: ((سَأَلَ سَائِلٌ)) فيها ثلاثة معان:فيها أولاً: السؤال، أن هذا الإنسان سأل عن العذاب، لكن أنت تلاحظ -أيضاً- أن الله سبحانه وتعالى لم يقل: سأل سائل عن العذاب، وإنما قال: ((سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب))[المعارج:1]، فهذا يدل على أن (سأل) ليست مجرد سؤال عفوي أو بريء، وإنما هو سؤال مقرون بالاستعجال، مقرون بالاستهزاء، ولهذا ورد أن هذا السائل هو النضر بن الحارث ، وكان يقول: إن محمداً يهددنا بالعذاب، فلماذا ننتظره؟! وكان يقول كما حكى الله عز وجل: ((وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ))[الأنفال:32]. فيستعجلون العذاب.إذً: ((سَأَلَ سَائِلٌ))[المعارج:1] استعجل مستعجل بهذا العذاب. وقد حكى الله تعالى عنهم في مواقع عديدة من القرآن الكريم أنهم يستعجلون العذاب: ((يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ))[الشورى:18]، ولاحظ التوافق ((يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا))[الشورى:18]، أما المؤمنون فهم ((مُشْفِقُونَ مِنْهَا))[الشورى:18]، كما في سورة (سأل)، افتتح السورة الكريمة بقوله سبحانه: ((سَأَلَ سَائِلٌ))[المعارج:1]، وبعد قليل قال: ((وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ))[المعارج:27]، فأثنى على المؤمنين الذين يخافون ولا يستعجلون العذاب، ويدرون أن العذاب عند الله سبحانه وتعالى، فيطلبون الإمهال والإنظار والمغفرة.ومن معاني (سأل) أيضاً: أنه دعا به، يعني: دعا على نفسه بالعذاب: ((فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ))[الأنفال:32]، وكثيراً ما يدعون على أنفسهم بالعذاب استهزاءً وسخرية.إذاً: ((سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ))[المعارج:1] كما كان يقول الشاعر عبدة الطبيب يقول:فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيبإذا شاب شعر المرء أو قل ماله فليس له من ودهن نصيب يردن ثراء المال أنى وجدنه وشرخ الشباب عندهن عجيب فإن تسألوني بالنساء: يعني: عن النساء. فهذا السائل -إذاً-: هو أولاً: سأل، بمعنى أنه استفسر واستفهم، وقال: متى العذاب؟ وكثيراً ما يقولون: متى؟ ((وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا))[الإسراء:51]، سأل.وأيضاً: استعجل، يقول: أبطأ وتأخر علينا، عجلوا به.وثالثاً: دعا على نفسه وعلى من معه بالعذاب، فكل هذا تضمنته كلمة ((سَأَلَ سَائِلٌ))[المعارج:1]، ولم يذكر الله سبحانه وتعالى من هذا السائل، ولكنه أصبح معروفاً، أنه إما النضر بن الحارث أو غيره من علية الملأ من قريش. بيان وجه انتفاء كون النبي صلى الله عليه وسلم المقصود بسائل العذاب وليس المقصود -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سأل، يعني: استعجل العذاب على هؤلاء المشركين، فهذا بعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب إمهالهم وإنظارهم وألا يعاجلوا، ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، ولما عرض عليه الملك يوم العقبة (أن أطبق عليهم الأخشبين، قال: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئاً).أما ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أبطأت عليه قريش وتأخرت قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف)، سبع سنين، فأصابتهم مجاعة حتى كانوا يرون ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان من الجوع، وحتى أكلوا أوراق الشجر والعظام من الجوع، وقالوا: ((رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ))[الدخان:12]؛ فهذا ليس المقصود به العذاب الذي يقع، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكون عليهم هذه الشدة التي تفتح قلوبهم للإيمان والإسلام، هذا هو الظاهر من السياق، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب النظرة والإمهال لهؤلاء القوم، لعل الله أن يهديهم. تحقق وقوع العذاب على المشركين ((سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ))[المعارج:1]، سأل مستبعداً مستعجلاً مستهزئاً؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى لم يُنهِ الآية ذاتها إلا بقوله: ((وَاقِعٍ))[المعارج:1]، ولهذا سمى بعض المفسرين هذه السورة سورة الواقع؛ لأن العذاب واقع، فالله سبحانه وتعالى قال: ((بِعَذَابٍ وَاقِعٍ))[المعارج:1]، يعني: عذاب آت لا محالة، استعجلوا أو استبطئوا، فهذا العذاب آت؛ لأنه مكتوب عند الله سبحانه وتعالى، فهذا العذاب هو عذاب واقع لا مرية فيه. التالي إشراقات في قوله تعالى: (للكافرين ليس له دافع) سورة المعارج السابق بين يدي سورة المعارج سورة المعارج مواضيع ذات صلة إشراقات في قوله تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعاً ...) بيان ما تضمنه قوله تعالى (سأل سائل بعذاب) بيان وجه انتفاء كون النبي صلى الله عليه وسلم المقصود بسائل العذاب معنى قوله تعالى (تدعو من أدبر وتولى) ودلالاته إثبات صفة الدعاء والمناداة للنار