ÇáÑÆíÓÉ ›برامج›حجر الزاوية›حجر الزاوية - 1426›العبادة›التلازم بين العبادة والحياة التلازم بين العبادة والحياة الأربعاء 2 رمضان 1426هـ طباعة د. سلمان العودة 4685 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص المقدم: لحظة شيخنا أنت تتحدث عن مفاهيم شمولية أكثر بكثير من المفهوم الحسي للعبادة، إذاً: كأنما تقول: إن العبادة ليست هي محراب وليست هي عبادة حسية، إنما العبادة أشمل من ذلك، إذاً: دعني أسألك سؤالاً أكثر تحديداً وأكثر تماساً مع الواقع: كيف هي العبادة من الحياة في مجتمعنا؟ ما هو مدى التواصل عند المؤمن.. عند المسلم ما بين العبادة والحياة؟الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: وجواباً على سؤالك: أذكر أننا كنا -في مجلس قبل أيام- عدداً من الشيوخ، وكنا نتذاكر أيام الطلب، فكنا نتحدث ونذكر: أن الشيخ فلاناً رحمه الله وهو من أفاضل أهل العلم أنه كان يمنع الطلاب من أن يغشوا مثلاً في مادة التوحيد أو في مادة الفقه، لكن في مادة اللغة الإنجليزية.. المقدم: لا بأس بذلك. الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: وآخر يعني في مادة الجغرافيا ممكن أنه يحرس الطلاب، يعني: غشوا تحت نظري؛ حتى لا يأتي أحد ويقبض عليكم متلبسين بالغش والجرم المشهود.فهناك نوع من الانفصال حقيقة، فنحن لما نقرأ أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جاءوا ليقولوا: ((اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ))[الأعراف:59] أو: ((أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ))[هود:2] كما هو معروف في هديهم عليهم الصلاة والسلام وفي نصوص القرآن الكريم والسنة المتكاثرة، وأن الأنبياء كانوا يعيشون الحياة كلها بشكلها الطبيعي، بل حتى يعدوا الناس: ((اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا))[نوح:10]، ما قال: يدخلكم الجنة فقط، قال: ((يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))[نوح:11-12]، وهذا أيضاً مع نعيم الجنة الذي وعدوه.الصحابة رضي الله عنهم الذين هم حواريو محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه المتلقون عنه، تلقوا عنه هذا العلم، كانوا يعبدون الله تعالى في المحراب خلف محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لكن لا يجدون تناقضاً حينما يكونون في الحقل والزرع، أو حينما يكون أحدهم في السوق والمتجر، أو حينما يكون في منزله.وقصة سلمان مع أبي الدرداء لما عاتبه وقال له: (إن لنفسك عليك حقاً، ولبدنك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه)، فقضية أن العبادة ليست عزلة عن الحياة وليست بعداً عنها، وإنما هي نوع من تهيئة النفوس لها وتقوية الناس عليها ، يعني: الإنسان قد يضعف عن الحياة إلا إذا كان هناك محطات يتزود بها، هذه المحطات ما هي؟هي لحظات الصلوات.. لحظات الصوم.. لحظات الذكر والتجلي وسؤال الله تعالى، حتى لو كان الإنسان في سيارته أو في الشارع، يعني: ليست العبادة مقصورة أيضاً على مكان معين، وإنما: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، ولذلك نجد قصة علي رضي الله عنه: لما جاءت فاطمة للنبي عليه الصلاة والسلام وسألت عائشة فلم تجده فرجعت إلى بيتها، وأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: أن فاطمة رضي الله عنها جاءته تسأله خادماً يعينها على عمل البيت؛ لأنها طبخت حتى تعبت، وجرت بالرحا حتى اخشوشنت يدها، فجاءهم النبي صلى الله عليه وسلم جاء فاطمة و علياً رضي الله عنهما وهما نائمان، فدخل عليهما وقعد بينهما قعدة الأب الحنون، وحادثهما ولاطفهما حتى وجدا برد يديه على أجسادهما، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أتيتم لأجل ماذا؟ قال علي : يا رسول الله! فاطمة احتاجت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما فكبرا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وهللا ثلاثاً وثلاثين) أو سبحان الله والحمد لله والله أكبر، التسبيح والتهليل والتكبير، (فإنه خير لكما من خادم)، فكانت فاطمة رضي الله عنها تجد بهذا قوة على عمل المنزل، و علي يجد فيه رضي الله عنه قوة على عمل الحياة، حتى يقول: (ما تركتها منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين ؟ قال: ولا ليلة صفين).وهكذا الصحابة والعلماء والأئمة والقادة عبر التاريخ كانوا يجدون عوناً في هذه العبادة على شئون الحياة؛ على العلم.. على الاكتشاف.. على المثابرة.. على طلب الرزق.. على السفر.. على الإقامة.. على الصحة والعافية من المرض.. وعلى أشياء كثيرة جداً، حتى كان ابن تيمية رحمه الله يقول عنه ابن القيم : إنه كان يجلس بعد الفجر حتى يرتفع النهار؛ يسبح ويذكر الله تعالى ويقرأ القرآن، وكان يقول: هذه غدوتي، لو لم أتغدها لم تحملني قواي، يعني: كأنه يقول: هذه وجبة الإفطار بالنسبة لي لو لم أتناولها لم أستطع أن أقوم بشكل قوي؛ لأن النفوس يطرقها أحياناً من المعاني الصعبة ما تحتاج به إلى العون والمدد.هذا ليس بغريب؛ لأن الحالة النفسية التي يعيشها الإنسان مؤثرة جداً في عمله وإنتاجه، إذا كان الإنسان مرتاحاً أبدع، وإذا كان كئيباً أو حزيناً أو مهموماً ظهر ذلك عليه، ودعنا نستذكر قليلاً موضوع الصيام.الكثير من الناس الآن وهم متلبسون -كما ذكرت قبل قليل- بالعبادة ربما يجدون الصوم عذراً في التخلي عن العمل وعن الإنجاز وعن أداء العمل بشكل جيد ومتقن: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، فالذي يحب التوابين ويحب المتطهرين سبحانه -وهذه عبادات- يحب أيضاً المتقنين. المقدم: إذاً: هذا وجه من وجوه الانفصال الذي ذكرت قبل قليل، لأنه شبيه بوجه تغشيش الإنجليزي، يعني: شبيه بنفس الانفصال الذي يحدث أن قضية ألا تغش في التوحيد لكن لا بأس أن نغششك في مادة الإنجليزي ...الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: نعم، وقد تجد أن كثيراً من الناس قد تكون ثقافتهم في الغالب أنهم قد يخلصون في العبادات المحضة، في الصلاة مثلاً: ما يمكن يصلي وهو غير متوضئ، هذا بحد ذاته ما في شك أنه إيمان، لكن قد يغش في تجارته أو في عمله أو في وظيفته، قد يكذب في قوله؛ لأنهم يشعرون بأن هناك انفصالاً بين الحياة وبين ما يسمونه هم العبادة ويقصدون بها الشعائر المحضة.. المقدم: الحسية.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: إي نعم. المقدم: هل يمكن إذاً أن أقول: إن العبادة هي الحياة والحياة عبادة؟الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: من دون شك أن الحياة كلها يمكن أن تكون عبادة ولو لم تكن من الشعائر، يعني: نفرق بين المعنى العام والخاص للعبادة.هناك المعنى الخاص الذي يقصد فيه بالعبادة الشعائر: الصلاة والزكاة والصوم والحج، هذه أركان الإسلام الأربعة، لكن هناك المعنى العام للعبادة الذي هو جميع ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وبهذا المعنى تدخل كثير من الأشياء، حتى الأشياء المباحة والعادية والمادية والدنيوية تدخل في العبادة من جهة أنه يؤجر عليها.دعني أستذكر معك حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (وفي بضع أحدكم صدقة)، لم يستغرب الصحابة رضي الله عنهم أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً: إن الصلاة صدقة والزكاة والصوم، لكن لما قال: (وفي بضع أحدكم) يعني: الواحد يجامع زوجته وصدقة! قالوا: (يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟) استغربوا؛ لأن هذا شيء فطري، فبين النبي صلى الله عليه وسلم لهم وكشف وعمم هذا المعنى: (أليس لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)، فينبغي أن يعمم هذا المعنى لتكون حياتنا كلها لله رب العالمين كما ذكر. التالي العبادة وثمرتها في الحياة الدنيا العبادة السابق من صور العبادة العبادة مواضيع ذات صلة دعوى معرفة نعمة الله على العبد بإغماض العينين من علامات حب الله للعبد وذكر سبب نزول البلاء عليه أهمية حسن الظن بالله عند الموت التفكر عبادة كيفية الشكر عند المصيبة