ÇáÑÆíÓÉ ›برامج›حجر الزاوية›حجر الزاوية - 1426›الخوف›أهمية اعتدال الخوف أهمية اعتدال الخوف الخميس 24 رمضان 1426هـ طباعة قراءة المادة كاملة د. سلمان العودة 4504 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: الخوف يجب أن يكون معتدلاً، وهذه الصفة واضحة جداً، حتى الخوف من الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون خوفاً معتدلاً ليس فيه إفراط، الخوف المعتدل من الله يحمل على العبادة، يحمل على الطاعة، على الخير، على ترك المعاصي، وإذا عصى أسرع بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، لكن إذا أفرط في الخوف ربما آل بالإنسان إلى نوع من القنوط أو اليأس أو القعود، وهكذا الخوف في الدنيا يحمل على المسارعة، يحمل على مواجهة الأشياء، بينما الخوف أحياناً يكون خوفاً زائداً يتعدى حدوده فيفضي -كما قلت- إلى اليأس أو إلى القنوط فيما يتعلق بعلاقة العبد بربه، أو يفضي إلى الفشل فيما يتعلق بعلاقة الإنسان بالحياة، ولذلك الكثير من الناس يفوتون فرصاً عظيمة جداً، ويندمون على فواتها، ولما تسأله: لماذا فوت هذه الفرصة؟ يقول: والله خفت من كذا، ولذلك قلت يوماً من الأيام لبعض الإخوة: احسب يومياً كم مرة تقول: أخاف، والله هذا ممتاز، بس أخاف! ومرة قلت لأحد الشباب: راقب كم مرة تقول: أخاف، قال: لا أنا لا أخاف، لكن أخشى من كذا! أتى بمرادف لكلمة الخوف.ولذلك الخوف المفرط يفوت على الإنسان أحياناً فرصاً؛ فرصاً في التجارة إن كان تاجراً، فرصاً في الإعلام إن كان إعلامياً، فرصاً في الدعوة إن كان داعية، فرصاً في أشياء كثيرة جداً في أمور الحياة.هناك أيضاً خوف مرضي وهو مفرط، والغريب أن علماء النفس المعاصرين يتكلمون عن الخوف المرضي وأنه ظاهرة ولها أسماء عندهم، ويجمعون على أن هذا أحد مظاهر المرض الذي تعتري الإنسان، بينما المتقدمون -كـأبي حامد الغزالي في إحياء علوم الدين - تكلموا عن أن الخوف قد يكون ولهاً ومرضاً عند الإنسان، فيكون عند الإنسان حالة مرضية قد تسمى الخوف أو الفوبيا أو غير ذلك.أيضاً بالمقابل كما أن هناك الخوف المعتدل الذي هو مطلوب هناك الخوف الشديد، هناك الخوف الضعيف، بمعنى أن هناك من الناس من يكون في قلبه جسارة وجراءة زائدة، بحيث إن الخوف عنده ضعيف ولذلك يقل تأثيره، فالذين يقدمون -مثلاً- على الجرائم، على القتل، وأحياناً يقولون في الإعلام: فلان يقتل بدم بارد، هذا الإنسان لا يعني أنه لا يتحرك في قلبه أي شعور؛ يتحرك في قلبه شعور، لكنه شعور ضعيف جداً لا يردعه عن فعل الخطأ، وإنما هو حركة خاطر أو حديث نفس عابرة يتغلب عليه ويواصل الإنسان خطأه أو إجرامه.وكذلك المعصية، قد يقع عنده نوع من الخوف، ولذلك ما من مؤمن إلا وعنده خوف من الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: ((فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))[آل عمران:175]، لكن هذا الخوف عند المؤمن قد يكون ضعيفاً جداً، يعني: ومضة وتنطفئ، فلا يحمل الإنسان على ترك الذنب أو ترك المعصية، ولذلك أقول: ينبغي أن يكون الخوف معتدلاً، فلا يكون خوفاً مفرطاً يجعل الإنسان دائماً في حالة رعب وفزع وتوجس، ودائماً يؤثر الاحتمالات السلبية، ولا يكون خوفاً ضعيفاً جداً كأنه لا وجود له.وأيضاً من اعتدال الخوف أن يكون معتدلاً مع المشاعر الأخرى، فالخوف شعور واحد فقط من مشاعر النفس الإنسانية، وليس هو أنبل وأعظم هذه المشاعر، هناك شعور الحب، وهو أعظم من شعور الخوف، هناك شعور الرجاء أيضاً، ولهذا العلماء يقولون: ينبغي أن يكون الخوف والرجاء معتدلين في مقام واحد، فيكون الإنسان متساوياً في خوفه ورجائه فيما يتعلق بخوفه من الله سبحانه وتعالى، فلا يطغى الخوف على المشاعر الأخرى.الخوارج -مثلاً- طغى عندهم الخوف من الله، فورث عندهم أنهم حملوا أنفسهم على ألوان من العبادات خارجة عن المألوف، وكانوا كما يقال: أطلاح عبادة وأنضاء سهر تثفنت جباههم من السجود.. إلى غير ذلك، وأفضى بهم هذا الخوف أيضاً إلى أنهم حملوا الناس على الأمر العظيم الذي هو من أعظم الانشقاقات في تاريخ الإسلام، وترتب على ذلك ارتكاب هذه البدعة العظيمة، وارتكاب جرم القتل والعدوان وتمزيق وحدة الصف والمجتمع المسلم، والسبب الأصلي هو إفراط الخوف عندهم، ولذلك أكمل الأحوال هو اعتدال الخوف والرجاء كما ذكرنا، وأن تكون المحبة أغلب عليهما؛ ولذلك أقول: شعور الحب شعور عظيم جداً، فالخوف في الجنة يذهب، ولذلك: ((لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ))[الأعراف:49]، لكن الحب باق في الجنة؛ لأنه شعور نبيل عظيم مستمر مع الإنسان إلى ما لا نهاية، حتى في الجنة المؤمن يبقى عنده شعور الحب، وبعض العلماء شبهوا الخوف والرجاء والحب بالطائر، فقالوا: إن الحب مثل رأس الطائر، بينما الخوف والرجاء مثل أجنحته، ولا شك أن الرأس أهم من الأجنحة، يعني: قد يظل الإنسان حياً حتى لو ضعف أو قص جناحه، لكن إذا قطع رأسه فإنه ينتهي، وبعضهم يقول: الحب هو المركبة التي يركب عليها الإنسان، والرجاء هو الحادي الذي يحدوه ويدعوه، والخوف هو السائق الذي يسوقه.إذاً: الخلاصة أن الخوف يكون من اعتداله أن يكون في ذاته معتدلاً، وأن يكون متساوياً مع المشاعر الأخرى، بحيث يخاف الإنسان من الله سبحانه وتعالى، ولكن باعتدال، يخاف من تبعات الأشياء أيضاً، ولكن باعتدال. أهمية الاعتدال في الخوف من الله وأخذه بالذنوب أهمية الاعتدال في الخوف المتعلق بالأمور الدنيوية التالي خاتمة الحلقة الخوف السابق الخوف وأسبابه الخوف مواضيع ذات صلة السكينة تجربة ..! مقدمة الحلقة لا تجعل شخصيتك تذوب في شخصيات الآخرين تزكية الدين للفطرة إدارة الأزمة