ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›المتفائلون في زمن اليأس›قبسات من حديث: (ولكنكم قوم...›النظر إلى المستقبل النظر إلى المستقبل الاثنين 6 رمضان 1423هـ طباعة د. سلمان العودة 562 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: أما الفقه الثاني: فهو النظر إلى المستقبل، والنظر إلى المستقبل يورث الإنسان طمأنينة وهدوءاً في النفس، فلا تطيش العقول ولا تزل الأقدام ولا تضل الأفهام، والنبي صلى الله عليه وسلم قال هاهنا: ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت )، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بمنطقة كانت مليئة بالمخاوف والتحديات والصعاب، لا يجتازها أحد إلا على حين غرة وعلى حين غفلة وعلى حين ترقب، وكما قيل: مررت على وادي السباع ولا أرى كوادي السباع حين يظلم واديا أظل به ركب أتوه تئية وأظلم إلا ما وقى الله ساريا فالنبي صلى الله عليه وسلم يضرب لهم مثلاً بتلك المنطقة النائية في جزيرة العرب، وما فيها من الخوف والرعب، ويبشرهم بأن الله تعالى سوف يجعل لهذه الأمة من الأمن والاستقرار ووحدة الكلمة وامتدادها وشعورها بالإيمان والأمن، ما يجعل الراكب يسير في تلك المناطق آمناً لا يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه.إن هذا الوعد من النبي صلى الله عليه وسلم ليس وعداً شخصياً، لم يقل: يا فلان! أبشر سوف يكون لك إمارة، ويا فلان! سيكون لك وزارة، ويا أبا بكر ويا عمر ويا عثمان ويا علي، وإنما وعدهم بنصر هذا الدين، الذي من أجله لغبوا وسغبوا وتعبوا، ومن أجله جاءوا يشتكون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم تكن تهمهم نفوسهم كما أهمت المنافقين نفوسهم، وإنما كان همهم دين الله عز وجل وشريعة الله تعالى وهدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى وأن ينتشر وأن يسود، فكانوا يخافون عليه، فبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم: ( والله ليتمن الله هذا الأمر ).أيها الأحبة! كان النبي صلى الله عليه وسلم آنذاك يطرد ويخاف، أرأيتم لو بعث صلى الله عليه وسلم اليوم في مكة المكرمة البلد الذي شكوا إليه ما شكوا، فتلفت وخصوصاً في موسم حج أو عمرة، فرأى هذه الأفواج والأمواج من البشر يضيق بهم رحب الوادي، وتكتظ بهم الطرقات، وتزدحم بهم المساجد، كم كان يكون سروره عليه الصلاة والسلام وقد رأى طرفاً من موعود الله عز وجل، فكيف لو جمعت له الأمة كلها، منذ بعث إلى قيام الساعة، وهذا حصل له صلى الله عليه وسلم، ( حيث جمعوا له في صعيد واحد، فرأى سواداً عظيماً قد سد الأفق، فقال: من هؤلاء؟ قيل له: هذه أمتك، وفيهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ). إذاً لم يكن الوعد من النبي صلى الله عليه وسلم وعداً شخصياً، وإنما كان وعداً للأمة كلها، وعداً لدينها وشريعتها، وهذا لا يمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعطى وعداً لبعض أصحابه، فإنه وعد سراقة بن مالك بن جعشم لما لحق به وكان في الهجرة، فساخت قوائم فرسه، فعلم أنه نبي مصدق، فجاء إليه عليه الصلاة والسلام وأخبره أنه سوف يرد عنه الطلب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟ ) ويتعجب هذا الأعرابي لرجل مطارد في الصحراء، يظن أنه خائف وهو آمن لوعد الله تعالى له، يعده بسواري كسرى، فيقول: ( يا رسول الله! سواري كسرى بن هرمز؟! يقول: نعم سواري كسرى بن هرمز، ويأتي عمر رضي الله عنه حين الفتح بسواري كسرى بن هرمز ليلبسها سراقة، ويقول: الحمد لله الذي انتزعها من كسرى وألبسها رجلاً من الأعراب من بني جعشم أو من بني جشعم ).هذا الوعد النبوي العظيم بفتح مشارق الأرض ومغاربها، واتساع ملك هذه الأمة، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها )، ولهذا كان اتساع مملكة الإسلام في الشرق والغرب أكثر من اتساعها في الشمال والجنوب.مدينة هرقل، مدينة روما التي لم تفتح حتى الآن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مفتوحة مذعنة للإسلام وراية لا إله إلا الله بإذن الله، فلما سئل كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في المسند وغيره وسنده صحيح: ( يا رسول الله! أي المدينتين تفتح أولاً، القسطنطينية أم رومية؟ فيقول عليه الصلاة والسلام: مدينة هرقل تفتح أولاً )، وهي القسطنطينية، وهكذا فتحت القسطنطينية ودانت للإسلام زمناً طويلاً، وبعدها تفتح مدينة روما، (( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ))[النجم:3-4]، (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ))[الصافات:171-173]، هذا وعد عام، وقد يقع لأشخاص كما ذكرت لمناسبة خاصة لتثبيت قلوبهم، أو لغير ذلك من المقاصد. السابق النظر في التاريخ والاعتبار مما سبق قبسات من حديث: (ولكنكم قوم تستعجلون) مواضيع ذات صلة كيف يستطيع الإنسان أن يغير وضعه؟ دور الفرد في إقامة مشروع النهضة قصة أصحاب الكهف وعلاقتها بالتغيير مفهوم الثورة أهم معوقات عملية التغيير