ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›صناعة المستقبل›التوازن والاعتدال في تذكر...›التشاؤم من المستقبل والتباكي على الماضي التشاؤم من المستقبل والتباكي على الماضي الثلاثاء 9 جمادى الآخرة 1430هـ طباعة د. سلمان العودة 1157 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: أبيّ الرجوع، (خلاص) إذا الوقت مضى لا يمكن أن يعود، دولاب الزمن لا يرجع إلى الوراء، أحياناً نحن نردد بيتاً من الشعر، وأنا قلته في أكثر من محاضرة، ثم فكرت فيه اليوم نقول: ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها هل هذا البيت سليم؟ نحن العرب دائماً تعودنا أنه إذا كان البيت شعراً لا نناقشه، وإنما نستشهد به، وكأنه حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا، ليس بلازم، حلل أبيات الشعر، وانظر فيها ربما يكون فيه صواب أو يكون خطأ، فهذا البيت لما يقول: ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها ليس بسليم؛ لأن معنى ذلك أنه انتهى مسئولية الإنسان على لحظة واحدة فقط، الذي مضى، وإن كان فات إلا أنه موجود في الحاضر، له تبعاته، (( لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ))[الكهف:49].وأيضاً المستقبل ينبغي على الإنسان أن يعتبره، ويهتم به.ولذلك أقول: إن مسألة الوقت، ومسألة الزمن قضية مهمة جداً في المستقبل، ونحن كثيراً ما نقع من حيث لا نشعر فيما كان الشافعي يحذر منه يقول: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا وقد نهجو الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان بنا هجانا والنبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل في الحديث القدسي: أن الله تعالى يقول: ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار )، فـالله سبحانه وتعالى ليس من أسمائه الدهر على القول الصحيح، ولكن لما يقول سبحانه: ( وأنا الدهر )، يعني: أنا الذي أصرف الدهر، وأدبر الدهر، فالدهر مخلوق مربوب، ولذلك المبالغة في ذم الدهر، وذم الزمان غلط، وهذا وقع فيه كثير من الأدباء والشعراء، وتجد في أشعارهم وقصائدهم ذم الزمان، ويقصدون الزمان الذين يعيشون فيه، تجد مثلاً الذي يقول: لا تغترر ببني الزمان ولا تقل عند المصائب لي أخ وحميم يقول: لا تعتد بالأصدقاء. جربتهم فإذا المعاقر عاقر والآل آل والحميم حميم يقول: المعاقر الذي يسهر معك هذا عاقر ممكن يقتلك، والآل القرابة آل مثل السراب (سراب بقيعة).والحميم القريب (( وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ))[الشعراء:101]، حميم مثل الماء المغلي يعني. هذا إنسان متشائم من الواقع، ويجب ألا نسترسل مع مثل هذا المعنى، حتى لو كان من منطلقات شرعية، مثل: المبالغة في الحديث في ذم الواقع، ونقد الزمان الذي نعيش فيه، مثلاً: دائماً ما تجد أننا إذا تكلمنا وقارنا بين الماضي والواقع نتكلم عن الماضي بكثير من الإعجاب، والله المستعان، والله يرحم أيام زمان، الناس كانوا وكانوا وكانوا، الأسرة كانت ملتمة مثلاً، والناس كانوا متعارفين، الناس كانوا عندهم حياء، وعندهم أخلاق، والآن تغير الوضع، ودائماً ما ندندن ونطيل، نعم في الماضي أشياء كثيرة جميلة ينبغي أن نحافظ عليها ونتذكرها. لكن في الماضي أشياء سيئة ينبغي أن نحمد الله على زوالها، مثل العصبية القبلية، والخلافات، والحروب بين بلد وبلد، وقبيلة وقبيلة، والغيبة المفرطة، والنميمة، وأيضاً احتقار الأنثى، وفيه أشياء سيئة، وحتى في تاريخنا الإسلامي ليس كله خيراً محضاً، وإنما فيه وفيه، والواقع أيضاً ليس الواقع كله شر، وأن القنوات الفضائية كلها شر، لا، فيها خير، وفيها برامج مفيدة، وفيها قنوات مفيدة، وفيها أشياء علمية، وأشياء وثائقية، وأشياء تربوية، والإنترنت ليست شراً كلها، فيها جوانب من الخير والمواقع، والاستفادة والانتفاع والبرمجة، إذاً: لا نبالغ، المنتجات الطائرات السيارات، التقنية النظريات، علينا ألا نتعود دائماً أن نذكر الماضي بشيء من التقديس، وكأنه صفحة بيضاء، ونذكر الواقع بشيء من الذم والعيب والنقد، وكأن هذا هو الزمان الذي أخبر عنه الرسل والأنبياء لا محالة، كما قال قائلهم: هذا الزمان الذي كنا نحدثه في قول سعد وفي قول ابن مسعود إن طال هذا ولم يحدث له غير لم يبك ميت ولم يفرح بمولود هذه مبالغات، هذا قد ينم عن إنسان ما استطاع أن يتكيف مع المتغيرات، أو إنسان عنده ضيق في نفسه، أو عنده رؤية خاصة، وهذا قد يحدث، فـ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أبا ذر وهو صحابي جليل: ( إذا بلغ بناء المدينة سلعاً -وهو جبل معروف- أن يخرج منها ويتركها )، وذهب إلى الربذة ومات هناك رضي الله عنه وأرضاه، لماذا؟ لأن أبا ذر كان رجلاً عنده قدر كبير من الشفافية والصفاء الزائد الذي لا يتحمله الناس، ولا يطيقونه، ولو بقي بينهم ربما لتضرر أو ضر غيره، فكانت العزلة الجزئية في حقه خيراً وأفضل.إذاً: ينبغي أن نراعي أن الواقع فيه فرص كبيرة جداً للتفاؤل، وعلينا ألا نبالغ في تقديس الحاضر أو ذم الماضي؛ لأن هذا شعور سلبي ينبغي أن نعدله حتى على صعيد الأمم والدول، أنا أذكر مثلاً قبل ثلاثين سنة نحن طلاب، وكنا نسمع من إذاعة في اليمن الجنوبي في عدن آنذاك برنامج حديقة لينين، لا إله والحياة مادة، برنامج يبث من إذاعة في قلب الجزيرة العربية، وإلحاد، وملاحقة للأخيار، كتب لي أني زرت اليمن الجنوبي المكلا، وبعض مدنها قبل سنة، والله يا إخوة أتيت وذهبت لم أر امرأة واحدة متبرجة إطلاقاً، سألتهم: هل يوجد نظام أو قانون يلزم؟ قالوا: لا نظام ولا قانون، تبحث عن آثار الشيوعية التي كنا نعتقد أنها باضت وفرخت هناك، فتجد أنه سبحان الله كأنها نبتة خبيثة، كانت فوق الأرض اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، في ليلة ليلاء جاء المطر القوي الشديد والريح وأخذها ورمى بها في البحر، ولم يبق من أثرها شيء قط، وذهبنا زرنا عدداً من البلاد مصر المغرب حتى تونس، أنا زرت تونس وكتبت مقالاً العديد من الإخوة انتقدوا هذا المقال، يقول لي واحد أمس: أنه في - ما أدري - عشرة آلاف رابط، لا حول ولا قوة إلا بالله، فالمقال هذا ما كتب لمدح أحد، وليس من عادتي أن أمدح أحداً أو أذم إلا بقدر معتدل يحقق المصلحة، ولكن كان المقصود أنه مع الانفتاح الإعلامي، مع الانفتاح الاقتصادي حتى والاجتماعي يكون هناك تغيرات في الأوضاع، ولذلك علينا أن نستثمر هذه الانفتاحات، وأن نشجعها بين الدول الإسلامية، والمجتمعات الإسلامية. نعم مثلاً القنوات الفضائية ممكن كثير من الأسر السعودية قد تكون تضررت بها؛ لأنها قدمت قدراً من المواد الإعلامية وغيرها يسيء إلى خصوصية الأسر، وإلى محافظتها، لكن هذه القنوات ذاتها قدمت لكثير من المجتمعات العربية والإسلامية مستوى من الالتزام والتدين، والتواصل والخير، حتى الجماعات الداعية والفئات التي كانت توصم هناك بالتطرف لم تكن قادرة على أن تقدم مثل هذا القدر من التوعية، ولذلك أقول: هنا أهمية المفهوم الإيجابي في التعامل مع الزمن. السابق الوقت هو المستقبل التوازن والاعتدال في تذكر الماضي والتطلع للمستقبل مواضيع ذات صلة التعامل النبوي مع بعض الأخطاء الواجب تجاه واقع الأمة دلالة قوله تعالى: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) على التغيير استحضار قضية الصراع واستجلاب صورة العدو سبيل إلى الإنجاز الموازنة بين المصلحة والمفسدة عند دعوة الناس