ÇáÑÆíÓÉ ›دروس›شرح بلوغ المرام›كتاب الحج›باب فضله وبيان من فرض عليه -...›مقاصد الحج وأسراره›التواصل بين الناس والانتفاع بما لديهم التواصل بين الناس والانتفاع بما لديهم الاثنين 5 رمضان 1436هـ طباعة د. سلمان العودة 4269 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص من معاني وأسرار الحج أيضاً: التواصل بين الناس والانتفاع بما لديهم، ولهذا نقول: إن مكة المكرمة هي أول مدينة معولمة -باللغة العصرية-، يأتيها الناس من كل مكان، كما قال الله سبحانه: (( مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ))[الحج:27-28] ، فهم يأتون من كل مكان، ونظراً لذلك يتعارفون فيما بينهم، يتبادلون المعرفة والتجارة والخبرة والتجربة أيضاً في شئون الدين وفي شئون الدعوة وفي شئون الدنيا، وكذلك بطبيعة الحال هم يستفيدون حتى في الجوانب المادية.ولذلك أقول: إن الحج الذي لا يزال قائماً إلى اليوم وإلى أن يشاء الله سبحانه، والعدد الكبير، الآن تجد الناس يتكلمون عما يسمى بأنفلونزا الخنازير وتأثيرها على الحجاج، وهذا الكلام ليس كما قد يظن البعض أنه لا قيمة له، لا، أنفلونزا الخنازير تحولت الآن إلى وباء، وأعلنت منظمة الصحة العالمية فعلاً: أنها وصلت إلى الدرجة السادسة من درجات التحذير، خلال أربعين سنة في القرن الحالي لم يتم الإعلان فيه عن وباء إلا هذه المرة، ليس لخطورة الوباء، الوباء ليس خطيراً جداً وإنما هو مثل الأنفلونزا العادية، ومن يموتون فيه نسبتهم (0.5%)، يعني من كل مائتين يصابون واحد فقط يموت، ومائة وتسعة وتسعون يشفون بإذن الله تعالى، ولكن إذا الوباء انتشر بشكل كبير جداً هذا لا شك أنه خطر.وأيضاً: هناك احتمال أن الوباء يتطور، وهناك ما يسمى بتحور الأوبئة، يعني: بقدر ما الناس اكتشفوا من العلاجات والأدوية والمضادات والأمصال، إلا أن الله سبحانه وتعالى بحكمته حتى هذه الجراثيم والفيروسات عندها قابلية أنها تختفي لفترة ثم تخرج بوجه آخر، ولا تستجيب لهذه المضادات وتفتك بالإنسان، حتى أمراض الجدري وغيرها من الحمى الشوكية والطاعون وسواها، كلها قابلة لأن يحدث هذا الشيء منها.ولذلك نحن نقول: إن هذه الدرجة من الخطورة التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية ليست بسبب خطورة الوباء، وإنما بسبب سرعة انتشاره، ولذلك على الإنسان الذي هو معرض لأن يصاب، مثل بعض الناس عنده ضعف في المناعة، أو حتى يتعاطى أدوية تضعف المناعة، أو الأطفال الصغار، أو كبار السن، أو المرضى عليهم أن يؤجلوا حجهم حتى يكون الأمر معتدلاً، وكذلك على الإنسان الذي يكتب الله له الحج وكذلك العمرة، أن يكون شديد الحرص على ما يتعلق بموضوع -أكرمكم الله- ما يخرج من فمه أو ما يخرج من أنفه، استخدام المناديل، وضعها في أماكن النفايات، ألا يعطس في وجوه الناس.. وهذا أيضاً من السنة، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس كما عند أبي داود كان يغطي وجهه بيده أو بثوبه أو بما أشبه ذلك، وكذلك ما يتعلق باستخدام الكمامات، مراجعة الإنسان للطبيب إذا شعر بحرارة شديدة أو غير ذلك.وقد يقول البعض: أين التوكل على الله؟نقول: نعم، التوكل على الله مطلوب، وهو لا ينافي الأسباب، والأمر هنا لا يتعلق فقط بالشخص، وإنما المشكلة لو أن المرض أصابه ثم انتقل منه إلى غيره، فيكون سبباً في نقل العدوى، وتخيل -لا قدر الله- لو أن مجموعة من المسلمين في هذا المنسك العظيم أصابهم هذا الداء وانتقلوا إلى بلادهم وكل واحد منهم نقل الداء إلى بلده كم سيكون لذلك من الخطر الإعلامي، وأن نعطي أعداءنا مرة بعد أخرى فرصة أن يشوهوا فيها تعاليم ديننا، كما شوهوا الجهاد من قبل وهو شريعة المغالبة، أن يشوهوا الحج أيضاً وهو شريعة السلام.ولذلك أقول: إن كلام الفقهاء رحمهم الله لما تكلموا في موضوع التداوي وحكم التداوي، وقال جمع من المحققين: إن التداوي تجري فيه الأحكام الخمسة: فيكون محرماً كأن يتداوى الإنسان بالحرام، أو مكروهاً، أو مباحاً، أو مستحباً، أو واجباً ، فأقول: من حالات وجوب التداوي، هي: أن يتداوى الإنسان إذا كان المرض يؤثر على أدائه للعبادة، فـ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، هذه واحدة.الثانية: من أحكام وجوب التداوي: إذا كان هذا المرض وباءً، إذا أصاب الإنسان أو ألم به نقله إلى غيره، نقله إلى زوجه وإلى ولده وإلى جاره وإلى شريكه وإلى زميله في العمل، فهنا يجب عليه وجوباً أن يتداوى، حتى لو كان لا يتداوى لنفسه يتداوى لغيره، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( لا يورد ممرض على مصح )، هذا في شأن الحيوانات فضلاً عن الناس، أن عليهم أن يتجنبوا هذه الأشياء.إذاً: أنا أرجع وأقول: إن هذا التواصل بين الناس في مكة المكرمة هو لتبادل المصالح وتبادل الخبرات وتبادل المنافع وتبادل التجارب، وهو يوجب أن يكون لدى المسلمين -وخاصة من جعلهم الله تعالى قوامين على هذا البيت- أن يكون عندهم مشروع حضاري للتأثير على العالم، وتقديم صورة كبيرة للعالم، و أحمد الله تعالى أن الله لم يجعل أمر هذا الدين موكولاً إلينا، وإلا ربما ما تعدى الإسلام حدود جزيرتنا أو حدود بيوتنا ومعالمنا، إنما الجيل الأول الذين جعل الله الإسلام ينتشر بهم ويقوم عليهم كان عندهم هذه الروح، ولذلك تجد أن قبورهم في ما وراء النهر وفي مصر وفي الشام وفي العراق وفي كل مكان؛ لأن عندهم روح التبشير، وروح الدعوة، وروح التأثير على الآخرين، وليس روح الخوف والقلق أن يتعرضوا هم للغزو أو للتأثير، هذا فرق ما بيننا وبينهم .فينبغي أن يكون الحج يلهمنا الشعور بهذه الروح.. روح المشروع الحضاري الإسلامي، روح الإيمان بأن هذا الدين لو عرض كما أنزله الله تعالى على الناس لكان أكثرهم يقبلونه ويدخلون فيه كما دخلوا فيه أول مرة، ولكن الإسلام يكون في كثير من الأحيان محجوباً بمساوئ أهله، إما بأعمالهم التي يراها الآخرون فيصدون بذلك عن سبيل الله، أو بأقوالهم التي لا تكون عليها أثارة من علم، ولا يكون فيها الحكمة والبصيرة .فلا شك أن هذا ينبغي أن يوجد عندنا أيضاً الإحساس بالتبعة والمسئولية. التالي تبادل بعض المصالح الدنيوية مقاصد الحج وأسراره السابق التربية على الأخلاق مقاصد الحج وأسراره مواضيع ذات صلة فوائد حديث: (إن الله كتب عليكم الحج ..) تصحيح لمفاهيم خاطئة في كون الحج عرفة حكم أداء الحج بمال متبرع به الأقوال في تكرار العمرة تجليات الوحدة في الحج