الرئيسة ›برامج›الحياة كلمة›التفاؤل›مفهوم التشاؤم مفهوم التشاؤم الجمعة 14 ذو القعدة 1426هـ طباعة د. سلمان العودة 4836 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: لكن هنا يأتي سؤالك في مسألة التفاؤل والتشاؤم هل هذا معناه أن الإنسان إذا وجد ضد ذلك يتشاءم به؟ هنا نقول: الفرق كبير، فالإسلام لا يقر بالتشاؤم، بل كل الألفاظ والأحاديث التي فيها ذكر التشاؤم.. هي في الواقع نقل للشؤم من معناه الجاهلي الذي كان يربط الشؤم والتطير بالأشياء والأشخاص إلى معنى إسلامي يربط الشؤم بفعل الإنسان. ولهذا قالوا: (( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ))[يس:19]،ᅜ فالإسلام لا يعترف بالشؤم لا في حيوان، ولا في إنسان، ولا في شيء، وإنما الشؤم هو فعل الإنسان، و هنا البعض قد يسأل: ( إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاث: في المرأة، والدابة، والفرس )، وهل هذا الشؤم على حقيقته؟ فأقول: عائشة أصلاً كانت تنكرها تماماً رضي الله عنها، وتقول: ( إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحدث عن أهل الجاهلية )، ومن هنا ذهب جمع من العلماء إما أنه غير صحيح أصلاً، أو أنه منسوخ، وهناك معنى آخر أو احتمال آخر، وهو أن يكون المقصود هنا الإشارة إلى نقل لفظ الشؤم من المعنى الجاهلي؛ لأنها كلمة عربية يصعب إلغاؤها لكن يمكن إعادة ضخ مفهوم جديد فيها، أن المقصود بالشؤم هنا هو أن الفعل فعل الإنسان، فالشؤم مثلاً في المرأة أو في الدابة أو في الفرس: سوء خلق المرأة، أو ضيق البيت، أو سوء التهوية، أو رداءة الجيران، وكذلك الفرس في نفارها وشماسها. وليس مقصوراً على هؤلاء؛ᅜ فيكون الشؤم مثلاً: في السيارة، يكون الشؤم في الرجل أيضاً. ولذلك عن ابن مسعود قال: [ الشؤم في اللسان ] أي: في كلمات الإنسان.شؤم الرجل على الزوجة.بمعنى: أن هذه مجرد أمثلة، أن الشؤم ليس شيئاً خفياً، وإنما تصرف الإنسان وفعله هو الذي يمكن أن ينسب إليه الشؤم. ونجد في الحياة البشرية -عند العرب في الجاهلية قضية السانح والبارح، وعند الروم والفرس، وفي أوروبا ، وفي بلاد العالم كلها- تجد عندهم ثروة هائلة جداً من التشاؤم بالأشياء، مثل: التشاؤم بالأرقام: رقم (13) مشهور، حتى أظن في الطائرات الرقم هذا يقفزونه؛ لأنهم يعتقدون فيه التشاؤم، وهذا يحدث إشكالات كبيرة جداً. الشؤم في الأشكال أيضاً: أشكال الناس أو ألوانهم، بل قد يتشاءمون بالأشياء الجميلة أحياناً مثلاً: زهرة السوسن يعتقدون أن السوء لمدة سنة يمكن أن يصيب الإنسان! أو في الأسماء إذا جاء اسم .. بل إنه من الأشياء الطريفة أن بشار بن برد متشائماً. فجاءه رجل يدعوه إلى وليمة، فقال له: ما اسمك؟ قال اسمي: إقبال، قال: أُغرب قبحك الله! ورفض أن يأتي للوليمة، لماذا؟ إقبال اسم جميل! لاحظ كيف الشؤم هنا لما كان معناه مستقراً في نفسه، قال: لأن (إقبال) إذا عكستها صارت: (لا بقاء)، فتوهم منها أنه لن يكون له بقاء، ورفض المجيء، وله قصص معروفة في مثل هذا المعنى. قد يتشاءم الإنسان مثلاً من الجو الذي يحيط به، أو من الأحلام، وهذا كثير جداً، بل تجد كثيراً من الناس يقول: أنا لا أرى رؤيا إلا جاءت ووقعت، حتى لو كانت سيئة أو خطرة، ليس بصحيح؛ لكن الإنسان يستحضر أشياء، وإذا وقعت تذكر أو تخيل أنه رأى رؤيا، وقد يكون نوعاً من التوهم، أو تصدق مرة؛ فتستقر في نفس الإنسان. بينما هذا التطير لا مصلحة له إطلاقاً في حياة الإنسان. أيضاً: قضية التشاؤم بالأشخاص: يذكرون أن أحد الملوك مشى في الطريق؛ فوجد رجلاً أعور، فرجع الملك، وأمر بحبس هذا الرجل الأعور، ثم مضى الملك في طريقه، فلما كان في المساء رجع الملك وقد أصاب خيراً، إن كان مثلاً في صيد، وإلا في متعة، وإلا في عمل ورجع، وقد أصاب خيراً كثيراً؛ فأمر بإطلاق الرجل. الرجل قال: أنا أرغب أن أقابل الملك، وفعلاً جاءوا به إلى الملك، قال: هاتوه، فقال الرجل للملك: أينا الذي كان شؤماً على صاحبه، أنا أو أنت؟ أنا رأيتك أيها الملك فعانيت السجن يوماً كاملاً، وهذا دليل أن وجهك ليس وجه فأل وخير، بينما رأيتني ورجعت سالماً غانماً، فهذا باب مشهور وموجود عند الناس. وهناك قضية التشاؤم بالعوائق، وهذه كثيرة جداً في حياة الناس، أي: أنهم يتشاءمون من أي عقبة، إذا بدأ الإنسان في دراسة، في عمل، في تدريس، في موقع جديد، في وظيفة، مجرد ما يجد عوائق، في القبول مثلاً، أو في الاستقبال، أو في المستشفى، يجد عقبات في الطريق، يتشاءم ويعتقد أن الحياة كلها كذلك، وأن هذا الميدان لا يصلح له. بينما العقبات جزء من الحياة ، فيفترض أن الإنسان لا يتشاءم، ويحاول أن يجتاز العقبة الأولى والثانية، ويقتحمها بلطف وهدوء، ويتصبر، وسيجد بعد ذلك الخير الكثير، (( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ))[الشرح:5-6]. التالي ثقافات الشعوب في التشاؤم التفاؤل السابق التفاؤل في توظيف الأشياء الجميلة التفاؤل مواضيع ذات صلة معاني لفظة (جسور) حقيقة لفظ (الأسرة) واستبدالها بلفظ (العائلة) مفهوم فاعلية تشريع تحقق علم اليقين الفرق بين الجدل والمراء