الرئيسة ›برامج›الحياة كلمة›العاطفة الأسرية›منزلة العاطفة في الشرع›العاطفة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم العاطفة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة 19 صفر 1428هـ طباعة د. سلمان العودة 4060 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: لو تأملت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ستجدها كلها تعبيراً عن معاني الحب والعاطفة والشفافية ، الحب القلبي، حب القلب، كان النبي صلى الله عليه وسلم تتفجر ينابيع الحب من قلبه، ويسع الناس كلهم جميعاً حتى أعداءه الذين حاربوه : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )، الصبر عليهم، المنافقون في المدينة، المشركون.. الناس الذين حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو سفيان : هداني هاد غير نفسي ودلني على الله من طرّدته كل مطرد فالنبي صلى الله عليه وسلم كان نموذجاً عظيماً وقدوة في هذا الجانب.هذا الحب كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعبر عنه بلسانه؛ لأن الحب الذي في القلب كيف يمكن اكتشافه إلا من خلال تعبيرات اللسان وتعبيرات الجوارح أيضاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستخدم لفظ الحب. وبعيداً عن التطويل: لو أن أي شخص متخصص أو غير متخصص رجع إلى مدونات السنة النبوية، وبالذات ما يتعلق منها بسرد الأحاديث، مثل كتاب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ، انظر كم مرة جاء فيها لفظ الحب من قول النبي صلى الله عليه وسلم، يعني عندما مثلاً يقول لـمعاذ (يا معاذ إني أحبك! لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )، أو كون النبي صلى الله عليه وسلم يُخاطب بهذا اللفظ القريب والبعيد من الناس على حد سواء.هنا تُلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائماً ما يُعبر بلفظ الحب مع الناس الذين يتخاطب معهم من الأقربين ومن الأبعدين، كان أولى الناس بحب النبي صلى الله عليه وسلم آل بيته، ولذلك أنا لا أتصور أحداً يحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويستدرج في هذا الحب حب آل بيت النبوة، حب الصديقة عائشة رضي الله عنها، وحب خديجة ، وحب فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب علي بن أبي طالب الذي هو ابن عمه وزوج بنته، وحب آل البيت كلهم جميعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبهم ويبادلهم هذا الحب، بل كانوا هم ألصق الناس به، وكانوا هم بطانته وشعاره ودثاره من بين الناس، فهذا معنى راقٍ ومعنى عظيم.أبعد من هذا أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطو الخطوة الثالثة في موضوع العاطفة وهي: أنه عليه الصلاة والسلام كان يُزيل المسافة المكانية بينه وبين الناس، يعني كلما بعدت المسافة ضعف الحب، ولهذا في المثل أحياناً العوام يقولون: "يا غايب عن العين يا غايب عن القلب" وهذا المعنى ليس مطلقاً صحيح، ولكن أحياناً يكون صحيحاً، بمعنى أن طول غياب الإنسان يُضعف وهج العاطفة والعلاقة، ولذلك كون الإنسان يتعاهد كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما جعل أولاده عند الكعبة ورجع يزورهم في مكة ، قال: إني مطالع تركتي، أي أريد أن أزورهم وأُجدد العهد بهم. النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه يزيل ويُضعف ويُقلل المساحة والمسافة بينه وبين الناس ، يعني مثلاً إذا أراد أن يُعلم أحداً يمسك بيده، هذه لها معنى، بعض الناس قد يعتبر أن هذا نقيض الهيبة والمروءة.عبد الله بن عمر يقول: ( أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي ) يعني أنا أتخيل أن ابن عمر جالس إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي يضع يده على كتفه ويُمسك بمنكبه بيده هكذا ويقول له: يا عبد الله ! ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ).الأولاد يأتون ويكون في حجر النبي صلى الله عليه وسلم مثلما في الحديث الصحيح أنه جعل الحسن و الحسين على حجره وضمهم إليه، ألغى المسافة بينه وبينهم، ثم قال: ( اللهم إني أحبهم فأحبهم )، لاحظ التعبير بالحب والدعاء لهم، وأيضاً كونه احتضنهم عليه الصلاة والسلام. أيضاً: ( اللهم إني أرحمهما فارحمهما ). في العلاقة الزوجية حيث يقول ربنا في القرآن الكريم: (( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ))[الروم:21]، الرحمة هنا هي العاطفة.وأقول: إن العاطفة التي نتحدث عنها سواءً كانت عاطفة أسرية -كما نتحدث الآن- أو عاطفة أوسع؛ إذا افترضنا أن أفراد الأسرة هم عبارة عن مجموع لبنات يتكون منها بناء البيت، فالعاطفة هي المادة التي تجعل هذه اللبنات ملتصق بعضها ببعض. مواضيع ذات صلة شرح الله صدر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في العمل والدعوة والتعليم والصبر من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن جعلت الأرض له ولأمته مسجداً وطهوراً استجابته للجارية التي أخذت بيده تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال تيسيره في الصلاة