ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›مدرسة الطفولة›كلمة (الطفولة) في القرآن الكريم كلمة (الطفولة) في القرآن الكريم الأحد 18 ربيع الأول 1430هـ طباعة د. سلمان العودة 624 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:أيها الإخوة! يسرنا في هذه الليلة المباركة أن نلتقي مع علم من أعلام الدعوة في هذه البلاد المباركة، بذل وقته وجهده في سبيل العلم والدعوة على مدى عقود من الزمان، إنه صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، ضيفنا حصل على الدرجة العلمية في الماجستير في السنة في موضوع: الغربة وأحكامها، عام (1408هـ)، وحصل أيضاً على الدكتوراه في السنة في شرح بلوغ المرام كتاب الطهارة عام (1424هـ). ضيفنا يتولى الإشراف على مجموعة الإسلام اليوم، الذي يعد الموقع الإسلامي الأول بهذا التنوع، حيث ينضوي تحت هذا الموقع مجموعة متميزة من المشاريع العلمية والدعوية والثقافية والاجتماعية وغيرها، كما وأن الضيف الكريم يشغل منصب نائب الرئيس العام لمنظمة النصرة العالمية، وهو عضو في مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وله مجموعة من الكتب؛ منها: سلسلة نحو ثقافة شرعية، ومنها أيضاً سلسلة الغرباء، ومنها أيضاً مقالات في المنهج وغيرها.ولضيفنا العديد من المشاركات العلمية في الندوات والمؤتمرات، منها على سبيل المثال: مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي الذي عقد عام (1423هـ)، ومؤتمر الإسلام والغرب الذي أقيم في السودان عام (1425هـ)، ومنها أيضاً مؤتمر حرية التعبير بين الإسلام والحداثة، الذي عقد عام (1427هـ)، كما أن له العديد من المشاركات في المهرجانات والندوات والمؤتمرات والبرامج الإعلامية وغيرها. هذا ونشكر لفضيلته استجابة الدعوة واستقطاع جزء من وقته الثمين، ونثني بالشكر للقائمين على مركز الرحمانية الثقافي بإتحافنا بهذه الدعوة الكريمة لهذا الضيف العزيز على قلوبنا جميعاً، أسأل الله أن يفتح لنا وله أبواب الخير، وأن ينفعنا بما نقول ونسمع، وأترك المجال لفضيلته ليلقي محاضرته المعنونة بـ(مدرسة الطفولة)، فليتفضل مشكوراً.الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة: بسم الله الرحمن الرحيم. إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأصلي وأسلم على معلم الناس الخير سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.وشكراً لكم على حضوركم وتشريفكم لنا في هذا المقام، وشكراً لمركز الرحمانية الثقافي على ترتيب هذا المنشط وهذه الأمسية الجميلة.حديثي إليكم اليوم أيها الإخوة والأخوات سمه محاضرة تجوزاً أو سمه مذاكرة، هو حديث أتمنى أن يكون جميلاً وألا يكون طويلاً في موضوع مدرسة الطفولة.العالم اليوم يتكلم كثيراً عن التفاعل، يعني: الأخذ والعطاء، وسائل الإعلام، الإنترنت، المواقع المختلفة تحرص على أن تعطي الناس وتأخذ منهم في الوقت ذاته، وهذا أصل من أصول التعليم الأصيل في الإسلام، وقد اهتدت إليه كثير من النظم البشرية واستفادت منه أنك تستطيع أن تعلم الآخرين من خلال أن تأخذ ما لديهم، فلا يشعرون بأنهم فقط يتلقون منك، وإنما تضعهم في مقام الموجه وفي مقام المعلم، وهكذا مدرسة الطفولة إذاً. المدرسة هذه ليست مدرسة سنتذاكر الآن ماذا نقدم للطفولة، بل قبل ذلك سنتذاكر ماذا نستطيع أن نتعلم من الطفولة. وعندي مجموعة من العناوين نمر عليها، أولها: أن نستفتح بالذي هو خير، أن نقف عند لفظ (الطفولة) في القرآن الكريم، وقد ذكر الله تعالى الطفولة في أكثر من موضع، مما يلفت نظر القاري في إعجاز القرآن الكريم أن الله عز وجل ذكر الطفل، يعني عبر عن الجمع بقوله سبحانه: ((أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ))[النور:31]، فالواو واو الجماعة، ومع ذلك التعبير بالطفل، لم يقل: أو الأطفال؛ وذلك لأن الطفل لم تبدُ شخصيته بعد شخصية مكتملة ومسئولة، وليس عليه تبعة، ولهذا عبر عنه بلفظ المفرد، وكأن المجموع منهم هم عبارة عن واحد؛ لأنهم ليس لهم استقلالية، وليس لهم تميز، وإنما هم في مقام التبعية لآبائهم أو لمسئوليهم. وهكذا جاء التعبير في القرآن الكريم بلفظ الطفل، كما في قوله سبحانه: ((ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا))[غافر:67]، لم يقل: يخرجكم أطفالاً، (يخرجكم طفلاً)، والمعنى هنا: أن كل واحد يخرج طفلاً، وفي ذلك إشارة إلى أن مقام الطفولة ليس فيه مقام مؤاخذة ولا تكليف، الموضع الوحيد فيما يبدو لي في القرآن الكريم الذي ذكر الله تعالى فيه الأطفال بلفظ الجمع، هو قوله سبحانه: ((وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))[النور:59]، لو تأملت هذه الآية الكريمة لوجدت أنها تذكر الأطفال باعتبار الماضي؛ لأنهم إذا بلغوا الحلم لم يصبحوا أطفالاً، وإنما هم تجاوزوا مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، إلى مرحلة الشباب، وإنما عبر عنهم بالأطفال باعتبار ما سبق وما مضى، وأما وقد بلغوا الحلم فليسوا أطفالاً، ولذلك عبر بالجمع فقال: ((وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ))[النور:59]. ومن أسرار الآية الكريمة التي هي محل تأمل ونظر واستفسار هل يمكن أن يقال: إن الشاب الذي هو في أول مراحل بلوغه يكون في مرحلة بين بين، بين الرجولة وبين الطفولة، فإن عبر عنه بالطفل من باب أنه لا زال حدثاً لم يكن هذا غريباً، واليوم في معظم بلاد العالم الأخرى يعتبرون أن الطفولة هي ما بعد الثامنة عشرة، يكادون أن يتفقوا على هذا. بينما في الفقه الإسلامي نعرف أن الطفولة لها ميزات وسمات وعلامات، وقد تكون ببلوغ خمس عشرة سنة كما هو معروف عن عمر بن عبد العزيز وغيره، وقد تكون بعلامات أخرى من علامات البلوغ، وقد تجد في بعض ما ينسب للإمام أحمد وغيره مراعاة هذا الجانب حتى في مقام التكليف، وأن المؤاخذة والتبعة تكبر على الإنسان كلما تقدم به السن، ففي أول مراحل الشباب التي هي مرحلة ملاحقة ومتصلة بمرحلة الطفولة يعتبر قد انتقل من الطفولة، ولكن لا يزال فيه بعض تبعاتها وآثارها، فيراعى منه هذا الجانب. وفي السنة النبوية أيضاً كما في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)، فهؤلاء هم في الغالب لم يبلغوا، ومع ذلك فيه أمر لهم، ثم فيه نوع من العقاب الهادئ لهم على بعض المخالفات الذي يشعرهم بالخطأ. في مواضع عديدة الله سبحانه وتعالى يمتن على الناس بالأطفال وبالأولاد كما في قوله سبحانه: ((يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا))[الشورى:49-50]، ولهذا قيل: نعم الإله على العباد كثيرة وأجلهن نجابة الأولاد لما رأى أحدهم رجلاً شيخاً ذا فضل وقدر وعنده واحد من أحفاده الصغار ولد (لتوه)، قال له على سبيل التهنئة: مد لك الله الحياة مدا حتى ترى نجلك هذا جدا بعد كم؟ .. حتى ترى نجلك هذا جدا مؤتزراً في برده مردا .. لبس الإزار والرداء والعمامة؛ لأن النجل هذا أصبح شيخاً كبيراً. مؤتزراً في برده مردا ثم يفدى مثلما تفدى يحترمه الناس، ويعطونه علامات التبجيل، وفدتك نفسي مثلما يعطونها لك الآن. كأنه أنت إذا تبدا كأنه أنت خلقاً وقدا المهم هذه هي الطفولة، الطفولة محبوبة لذاتها، ولذلك تجد أن الإنسان يحب حتى الأطفال والصغار من الحيوانات والطيور وغيرها، ولو أنك سافرت في مكان ما ورأيت ناساً لا تعرفهم، وربما في بلد غير بلدك تجد أنك تحنو على أطفالهم وترحمهم، وسبحان الله! ليس في هذا غرابة، فالله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قال عز وجل: ((وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))[التكوير:8-9]، والموءودة هذه أطفال كانوا في مجتمع كافر، والعادة أنهم إذا كبروا صاروا مثل آبائهم، ومع ذلك الله سبحانه وتعالى يتوعد وائدها بأنه يسأل يوم القيامة سؤال توبيخ وعتاب وعقاب أيضاً: ((بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))[التكوير:9]. ولذلك بحث علماؤنا بحثاً جميلاً عن أطفال المشركين الذين ماتوا قبل التكليف وقبل البلوغ، ماتوا في الطفولة، وماتوا في الصبا، ما حكمهم؟ وأحد الأقوال في هذا: أنهم يعتبرون من المؤمنين، وأنهم من أهل الجنة، وقد مال إلى هذا الإمام البخاري في صحيحه، ونقل عن سلمان الفارسي وجماعة من الصحابة وجماعة من السلف، وفي صحيح البخاري الحديث الطويل في قصة إبراهيم لما قال: (هؤلاء أطفال المسلمين، قال: وأطفال المشركين؟ قال: وأطفال المشركين)، فهؤلاء الأطفال لم يصلوا إلى مرتبة المسئولية والبلوغ والتكليف، الشاهد عندنا ليس هو تقرير هذه المسألة، وإنما الإشارة إلى أن الطفولة بحد ذاتها مكان الحب ومكان التبجيل، وإذا الله تعالى رزق الإنسان هذا الطفل فكان فرحاً وسروراً، وإذا حرمه منه فكان الأب حينئذ هو محل الصبر والاحتساب. التالي نماذج لأطفال تربوا في مدرسة النبوة مدرسة الطفولة مواضيع ذات صلة القرآن والدعوة إلى تحمل المسئولية كلمة الإصلاح في القرآن الدلالات القرآنية على الوعي بيان القسم في القرآن بعض المآخذ على طريقة تعاطي وتعامل المسلمين مع القرآن اليوم