ÇáÑÆíÓÉ ›دروس›شرح العمدة (الأمالي)›كتاب الحج والعمرة›مقدمة -1›الحج في ضوء القرآن الكريم الحج في ضوء القرآن الكريم الاثنين 5 رمضان 1436هـ طباعة د. سلمان العودة 4245 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص القرآن الكريم تكلم عن الحج.. تكلم الله تعالى في القرآن الكريم عن الحج، وذكره في اثني عشر موضعاً، منها ثمانية مواضع في سورة البقرة، ومعروف أن سورة البقرة مملوءة بالجدل والمناظرة والرد على اليهود ، فكان مناسباً أن يبين الله سبحانه وتعالى فيها الحج وأحكامه، ومنها قوله تعالى: (( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ))[البقرة:196]، وقد ذهب بعضهم إلى أن هذه الآية هي التي فُرض فيها الحج؛ لأن الله تعالى أمر فيها بإتمام الحج، وأحد المعنيين فيها أن معنى: (( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ))[البقرة:196]، يعني: أقيموا الحج والعمرة لله، أدوا الحج والعمرة لله، افعلوا الحج والعمرة لله. والوجه الثاني في تفسير هذه الآية: أن معنى: (( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ))[البقرة:196] أن هذا مخصوص بمن دخل فيها، يعني: من شرع في الحج أو شرع في العمرة فإنه يجب عليه أن يتم، ويحرم عليه أن يرفض نسكه إلا لسبب معين كما هو معروف في الفوات والإحصار وغيرهما.فإذاً: هذه الآية من سورة البقرة قال بعضهم: إنها هي الآية التي أوجب فيها الحج على المسلمين، ولعل الجميع يعرفون أن سورة البقرة مكية أو مدنية؟ مداخلة: .....الشيخ: مدنية، سورة البقرة مدنية باتفاق العلماء، وهي من أول ما نزل بـالمدينة ، ولذلك كثر فيها ذكر الحج، وهو كان من شرائع الأنبياء السابقين، وذكر في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، بل وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كما في أحاديث صحاح، وفي بعض الروايات أنه حج مرتين وهذا غريب ، و الصواب: أنه ما حج إلا مرة واحدة، وقد وقفت قريش بـمزدلفة ووقف هو مع الناس بـعرفة . فالمقصود: أن الحج كثر وشاع ذكره في السور المدنية بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .السورة الأولى منها: سورة البقرة كما ذكرت لكم ذلك، والسورة الثانية التي ذكر فيها الحج هي آل عمران، وأيضاً سورة آل عمران نزلت في المدينة ، ولكنها متأخرة عن البقرة، والظاهر أن هذه السورة نزل كثير منها بعد مجيء وفد نصارى نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وناظروه وجادلوه وأخذوا معه وأعطوا، فنزلت هذه الآيات، وفيها مخاصمة لهم ومحاجة ومجادلة وإقامة للحجة عليهم، وبيان أن هؤلاء ليسوا على طريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولا على منهجه وهديه، وبيان سنة إبراهيم والتوحيد الذي جاء به، وإفراد الله تعالى بالعبادة ورفض الشرك الذي ابتليت به الأمم الكتابية. ثم قال الله تعالى: (( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ))[آل عمران:96-97].فتجد في هذه الآية الإشارة إلى أن أول بيت وضع للناس هو الذي بـبكة أو بـمكة وهما اسمان للبلد العتيق: (( مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ))[آل عمران:96]، فهو أول بيت وضع وأقيم وشرع للناس أن يحجوه وأن يطوفوا به وأن يتجهوا إليه.فالله سبحانه وتعالى قال: (( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ))[آل عمران:97]، ما هذه الآيات البينات التي في البيت العتيق؟ قال: (( مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ))[آل عمران:97]، قال بعضهم: إن مقام إبراهيم هو الآيات البينات: (( آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ))[آل عمران:97]، ومقام إبراهيم معروف، هو المكان الذي قام عليه إبراهيم حينما كان يبني الكعبة، وقد بان على الصخر موطئ قدميه، وهذا من آيات الله تعالى، والظاهر أنه لا يزال موجوداً حتى الآن لمن يرى تلك البنية، وقد أشار إليه أبو طالب في قصيدته المشهورة: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعلِ وقال جماعة من السلف: إن الآيات البينات هي المناسك كلها، فيدخل في ذلك الصفا و المروة، ويدخل فيها كل المواضع والمناسك التعبدية التي أقيمت حول البيت، وقد ورد في الحج صلاة ركعتين خلف المقام، وهذا لا شك أن المقصود به مقام إبراهيم عليه السلام، ولم يكن في موضعه الحالي، وإنما كان مجاوراً للكعبة؛ لأنه كان يصعد عليه حين كان يبنيها، لكنه أبعد بعد ذلك لمصالح معينة في بعض الفترات. فالمقصود: أن الآيات البينات قد تكون هذه أو تلك، والكثيرون قالوا: إنها تشمل المناسك كلها، وقال مجاهد : [ إنها تشمل المناسك كلها ] والكثيرون قالوا: إن المقصود بذلك مقام إبراهيم المعروف، وهذا مما فضل الله تعالى به مكة ، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: (( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ))[آل عمران:97] يعني: البيت، ولذلك كان العربي في الجاهلية يرى قاتل أبيه في مكة فلا يهيجه ولا يثأر منه، على رغم أن الثأر كان دماً يجري في عروق العرب؛ لما جعل الله تعالى لهذا البيت ولهذه البنية ولهذه البقعة من القداسة والطهارة والفضيلة، وجاء الإسلام فأكد هذه الفضيلة والقدسية والعظمة، حتى جعل العلماء لهذا البيت أحكاماً مخصوصة تعرف في مواضعها ومظانها من كتب التفسير وكتب التاريخ وكتب الفقه وغيرها، وهذه الفضيلة التي جعلها الله تعالى من كون البيت فيه هذا الفضل، وفيه ذكريات الأنبياء، وفيه هذه البنية المقدسة المباركة التي حجها الأنبياء كلهم خصوصاً بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى موسى ورأى هوداً وغيرهم يحجون هذا البيت، وهذا كافٍ، إضافة إلى ما ورد فيه من الفضيلة وأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وأن من دخله كان آمناً، وأنه لا يطاف بغيره، وأن فيه هذا المكان الذي يستلم ويقبل، وهو الحجر الأسود، وفيه الركن اليماني، وفيه فضائل جمة، وفيه منى والمشاعر و عرفات و مزدلفة .. هذا كافٍ في فضيلة هذا البيت. بعض كتب التفسير وكتب التاريخ وكتب الفضائل قد تستطرد في ذكر فضائل لـمكة ليس لها أصل، ولا دليل عليها، مثل بعضهم يقول: إن الطير لا يعلو البيت صحيحاً ولا يكون فوقه، أو أن الجارح يطلب الصيد فإذا دخل مكة تركه، يكون يلحقه فإذا أوى إلى مكة فإنه يعرض عنه ويتركه، أو قولهم: إن الغيث والمطر إذا نزل على الركن اليماني كان الخصب في اليمن ، وإذا نزل على الركن الشامي كان الخصب بـالشام ، وإذا عم البيت كله كان الخصب في أرض العرب أو المسلمين كلها، وأن الجمرات ترمى، لا يزال ترمى وتزيد ومع ذلك هي باقية على حالها، وبعضهم يستطرد في ذلك فيذكرون خصائص لمنى وأن الذباب لا يسقط فيها على الطعام، وأن.. وأن.. هذه الأشياء أولاً: ليس عليها دليل، ولا جاء بها كتاب ولا جاءت بها سنة، والله سبحانه وتعالى قد ذكر لنا من فضائل هذا البيت ما هو لب اللباب وأصل القضية ومقصودها في جمع شمل هذه الأمة على هذه القبلة الواحدة وعلى هذا المكان الواحد، وفي هذه الشريعة التي ورثت شرائع الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام، ففي ذلك الكفاية، ففيها الوقوف وفيها الطواف، وفيها الرمي، وفيها النحر والنسائك.وأما مثل هذه الأشياء التي تذكر ويظن بعض الناس أن فيها تعظيماً للبيت، فحقيقة هذا مما هي من مداخل أعداء الإسلام، ومن مداخل أصحاب القلوب المريضة والضعيفة على الإسلام وعلى التراث وعلى كتب العلم أن توجد فيها مثل هذه الأشياء التي لا تعتضد بكتاب ولا بسنة ولا بقول صاحب ولا بأثر صحيح، وإنما هي من ظنون الناس وتقولاتهم ومبالغاتهم. ومن معاني الأمن في الآية: (( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ))[آل عمران:97] بطبيعة الحال هو الأمن الدنيوي؛ أن الإنسان يأمن فيه على نفسه، والله سبحانه وتعالى يقول: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ))[العنكبوت:67]، وهذا يؤكد الأمن للناس حتى في الجاهلية الأولى حين كان العرب يشتغلون بالسلب والنهب، لم يكن الأمن مستتباً مستقراً عندهم، لكن أيضاً بعضهم قد يستظهرون من معاني الأمن في هذه الآية تأمين الله سبحانه وتعالى لمن يحجون هذا البيت ويقصدونه بنية صادقة، وقد ورد في الصحيح: ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )، فهذا من الأمن؛ أن الله تعالى يطهرهم من الذنوب ويغفر لهم ما فرط ويدخلهم الجنة، ولذلك قال بعضهم: إن من معانيه ألا يدخل النار من دخل هذا البيت، (( كَانَ آمِنًا ))[آل عمران:97] يعني: من دخول النار، وهذا ليس على إطلاقه، فقد جاء في حديث الشفاعة: ( أن المؤمنين يقولون لربهم: هؤلاء إخواننا كانوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويحجون كما نحج، فيقول الله تعالى لهم: أخرجوا من النار من عرفتم )، لكن نقول: إن من دخل البيت بصدق وحجه بنية صالحة ولم يرفث ولم يفسق فله الوعد النبوي، والذي قد يتضمنه الوعد الرباني في كتاب الله تعالى. يا رب دعوة اللاجي دعوة مستشعر ومحتاج ودع أحبابه ومسكنه وجاء ما بين خائف راجي إن يقبل الله سعيه كرماً نجا وإلا فليس بالناجي وأنت من قد قصدت رحمته فاعطف على وافد بن حجاج ومن المواضع في القرآن الكريم المذكور فيها الحج موضعان في سورة التوبة: (( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ))[التوبة:19] أشرت إليها قبل، والموضع الثاني في سورة التوبة؟ مداخلة: ..... .....الشيخ: لا، هذا ما هو في التوبة، نعم أذان.. مداخلة: ..... .....الشيخ: (( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ))[التوبة:3]، وقد اختلف العلماء في يوم الحج الأكبر ما هو؟ فقال بعضهم: إن يوم الحج الأكبر هو يوم عرفة ؛ لأنه خير يوم طلعت عليه الشمس، وجاء فيه من الفضل ما لم يرد في غيره.و الصواب: أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر؛ وذلك لأن معظم أعمال الحج تقع فيه؛ من الرمي إلى النحر إلى الحلق إلى الطواف، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحج الأكبر، وفيه نادى المنادي في الناس على ما هو معروف في السنة والسيرة.أما الموضع الأخير في القرآن الكريم، فهو في سورة الحج، وهو قوله تعالى: (( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ))[الحج:27]، وهذه السورة هي السورة الوحيدة من بين السور التي فيها المكي والمدني، فإن البقرة مدنية وآل عمران مدنية، والتوبة مدنية، أما سورة الحج ففيها الآيات المدنية وفيها المكية، أما المدني، فمثل قوله تعالى: (( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ))[الحج:39] فهذا قد نزل في أول عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بـالمدينة ، ولذلك قال: (( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ))[الحج:40].أما المكي فمثل قوله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ))[الحج:52].. إلى آخر الآيات، ومعروف ما ورد في هذه الآيات، ولعله يأتي لها مناسبة للكلام المفصل عنها، فسورة الحج فيها المكي وفيها المدني.طبعاً في الحج وردت أحاديث كثيرة في فضله، وذكرنا طرفاً منها، وسيأتي كثير منها خلال تضاعيف الحديث، فلا داعٍ لأن نفردها بكلام في أول المناسبة. التالي حكم الحج والعمرة والأدلة على ذلك مقدمة -1 السابق تعريف الحج لغة واصطلاحاً مقدمة -1 مواضيع ذات صلة أداء الحج بدون تصريح رسمي حكم الحج للكافر والمجنون والصبي والعبد الحج من أبواب الجهاد حكم عمرة المرأة المتوفى عنها زوجها في أيام العدة تابع مقصد تحقيق التوحيد لله تعالى من خلال الحج