ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›هموم المرأة›الطبيعة المادية في الإنسان الطبيعة المادية في الإنسان الأحد 15 جمادى الأولى 1438هـ طباعة د. سلمان العودة 827 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص ولذلك فإنه من نافلة القول، ومن البديهيات التي لا تحتاج إلى تكرار أن نقول: إن المرأة جسد، وروح، وعقل، وحين نتحدث في هذا الدرس عن هموم المرأة، فإننا لن نقصر الحديث على الهموم المادية البحتة من مطعم ومشرب وملبس ومنكح؛ لأن هذه الهموم كلها تمثل الجانب الجسدي في المرأة والرجل على حد سواء، وحصر الإنسان في هذه الهموم فقط، كما هو واقع الحضارات الغربية والشرقية اليوم -الحضارات المادية- حصر الإنسان في هذه الهموم فحسب هو نوع من جعل الإنسان حيواناً، لا هم له إلا الأكل والشرب والسفاد، يقول الله عز وجل: (( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ))[محمد:12].فجعل كون الإنسان في هذه الدنيا لا همَّ له إلا المتعة، بالأكل، بالشرب، بألوان المتع المادية الحسية، أن هذا أمرٌ يشترك فيه الإنسان مع الحيوان، بل لا نبالغ إذا قلنا: إن الحيوان أقوى من الإنسان فيه، فالناس إذا رأوا إنساناً شرِهاً في الأكل قالوا: هذا يأكل أكل البعير -مثلاً-، أو أكل الحمار، فالإنسان إذا كانت القضية مقصورة على الجوانب المادية، والمتع الحسية فإن الحيوان فيها يكون أبرع من الإنسان وأكثر. وفي هذا المجال يعجبني كلمة ذكرها الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه الجيد المفيد: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، هو يتكلم عن الإنسان، فماذا يقول عن الإنسان؟ يقول: "لم أعن بالإنسان كل حيوان منتصب القامة، عريض الظفر، أملس البشرة، ضاحك الوجه، ممن ينطقون ولكن عن الهوى، ويتعلمون ولكن ما يضرهم ولا ينفعهم، ويعلمون ولكن ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون، ويكتبون الكتاب بأيديهم، ولكن يقولون: هذا من عند الله؛ ليشتروا به ثمناً قليلاً، ويجادلون ولكن بالباطل؛ ليدحضوا به الحق، ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت، ويعبدون ولكن من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم، ويبيتون ولكن ما لا يرضى من القول، ويأتون الصلاة ولكن كسالى، ولا يذكرون الله إلا قليلاً، ويصلون ولكنهم من المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون، ويذكرون ولكن إذا ذكروا لا يذكرون، ويدعون ولكن مع الله آلهة أخرى، وينفقون ولكن لا ينفقون إلا وهم كارهون، ويحكمون ولكن حكم الجاهلية يبغون، ويخلقون ولكن يخلقون إفكاً، ويحلفون ولكن يحلفون بالله وهم كاذبون، فهؤلاء -يقول- وإن كانوا بالصورة المحسوسة أناساً فهم بالصورة المعقولة لا ناسٌ ولا نسناس، والنسناس نوع من الحيوان الوهمي، الذي يدعون أنه يشبه الإنسان، مثل العنقاء -مثلاً-، حيوان وهمي لا وجود له، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: [ يا أشباه الرجال ولا رجال ]، بل هم من الإنس المذكور في قوله تعالى: (( شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ))[الأنعام:112].قال: وما أرى البحتري إذا اعتبر الناس بالخلق لا بالخلق متعدياً، في قوله: لم يبق من جُل هذا الناس باقية ينالها الفهم إلا هذه الصورُ -يقول: ما بقي من الناس إلا صورهم وأشكالهم، أما حقائقهم فاختفت وزالت- ولا من يقول في قصيدةٍ أخرى: فجلهمُ إذا فكرت فيهم حمير أو ذئاب أو كلاب ولا تحسبن هذه الأبيات أقوالاً شعرية، وإطلاقاتٍ مجازية، فإن الله تعالى يقول: (( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ))[الفرقان:44].إذاً: نحن حين نتكلم عن هموم الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، لا نقصد به هموم الجسد فحسب، ولا هموم المادة فسحب، ولا هموم الأشباح الحسية، وإنما نقصد هذه ونقصد معها هموم العقل، وهموم الروح، التي بها تميز الإنسان وصار إنساناً، وأنقل لك ولكِ -أختي المسلمة أيضاً-، نصاً آخر عن الراغب في كتابه السالف الذكر -أيضاً-، وهو نص جميل، يقول: "جعل الله تعالى الإنسان سلالة العالم وزبدته، وهو المخصوص بالكرامة، كما قال الله تعالى: (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ))[الإسراء:70]، وجعل ما سواه كالمعونة له، كما قال الله تعالى في معرض الامتنان: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ))[البقرة:29]، قال: وليس فضله في قوة الجسم؛ فالفيل والبعير أقوى منه أجساماً، ولا بطول العمر في الدنيا؛ فالنسر أطول عمراً منه".وأقول من عندي بين قوسين: ذكر بعض الذين صنفوا في الحيوان؛ كـالجاحظ، والدميري، وغيرهم، أن الضب -أيضاً- طويل العمر، حتى قال بعضهم: إنه يعيش إلى سبعمائة سنة، وما أدري من هو الذي عاش سبعمائة سنة، حتى راقب الضب، واكتشف أنه عاش هذه المدة الطويلة! المهم هذا مما قيل.يقول: فليس فضل الإنسان في قوة الجسم؛ فالفيل والبعير أقوى منه أجساماً، ولا بطول العمر في الدنيا؛ فالنسر والفيل أطول منه عمراً، ولا بشدة البطش؛ فالأسد والنمر أشد بطشاً منه، ولا باللباس واللون؛ فالطاوس والدراج أحسن منه لباساً ولوناً، ولا بالقوة على النكاح؛ فالحمار والعصفور أقوى منه نكاحاً، ولا بكثرة الذهب والفضة؛ فالمعادن والجبال أكثر منه ذهباً وفضة. قال المتنبي: لولا العقولُ -لاحظ ميزة العقل التي كرم الله بها الإنسان- لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسانِ ولما تفاضلت النفوس ودبرت أيدي الكماة عوالي المرانِ يعني: لولا العقول التي ميز الله بها الناس لكان الحيوان أدنى إلى الشرف من الإنسان، ولما تفاضل الناس فيما بينهم، ودبرت أيدي الأبطال الشجعان في المعارك الأسلحة التي يحملونها.يقول: وليس فضل الإنسان بعنصره الموجود منه، كما زعم إبليس حيث قال: (( خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ))[ص:76]، بل ذلك بما خصه الله تعالى به من المعنى الذي ضمنه فيه، والأمر الذي رشحه له، وقد أشار إليه بقوله تعالى: (( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ))[الحجر:29]، وبقوله تعالى: (( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ))[ص:75].إذاً: ميزة الإنسان بأن الله تعالى خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فوقع الملائكة له ساجدين، أعني آدم عليه السلام، ثم كانت سلالته مفضلة على بقية الخلق بالعقل والروح والتكليف، ميزهم الله تعالى وفضلهم على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً. قد رشحوك لأمرٍ لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ التالي محلات الخياطة هموم المرأة السابق النساء شقائق الرجال هموم المرأة مواضيع ذات صلة طبعية ردود الفعل في الحياة ثمرات الإحسان التحديث والتطوير التصنيف للناس عموماً ودوافعه أنواع من الخوف