ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›على طريق الدعوة›منهج أهل السنة والجماعة في التغيير منهج أهل السنة والجماعة في التغيير الأحد 15 جمادى الأولى 1438هـ طباعة د. سلمان العودة 818 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص السؤال: إزاء هذا الواقع، ما منهج أهل السنة والجماعة في تغيير واقع الأمة إلى الأصلح؟ وما وسائل تحقيق هذا المنهج؟الجواب: هذا السؤال مهم جداً؛ لأنه مجال لأفكار كثيرة، وآراء متباينة، وأعتقد -أيضاً- أن مثل هذا الموضوع ليس مجرد سؤال، بل هو موضوع كبير، هو مما يحتاج إلى أن يتنادى إليه العلماء والدعاة والمصلحون في حلقات نقاش طويلة، ولو أمكن في بعض المؤتمرات التي تعقد في أكثر من مكان، أن يكون هذا من موضوعات البحث، بحيث تطرح فيه أوراق مختلفة، ويكون هناك نقاش للوصول إلى الأفضل.لكنني أود أن أشير إلى أن هناك عدداً من الكُتاب عُنوا بهذا الموضوع، ولا يمكن لمن يتكلم في مثل هذا الموضوع أن يتجاهل ما كتبه المفكر الجزائري المسلم: مالك بن نبي، فقد كتب عدداً من الدراسات، مهما يكن عليها من مآخذ وملاحظات، إلا أن فيها نفساً جيداً في قضية النظرة السليمة للتغيير -تغيير واقع الأمة-؛ لأننا يجب أن ننظر للأمة على أنها كل، وليست أجزاء.إذاً التغيير يجب أن يكون تغييراً حقيقياً للأمة، وليس تغييراً شكلياً، والتغيير الحقيقي للأمة لا بد أن ينطلق من الإنسان، فإذا أفلحنا في تغيير الإنسان، معناه: أفلحنا في تغيير الأمة، وبدأت البداية الصحيحة.تغيير الإنسان عقدياً، وهذا التغيير العقدي بإصلاح عقيدته في الله، في اليوم الآخر، في الملائكة، في الكتب، في الرسل، في البعث، في كل قضايا الإيمان- هذا التغيير يترتب عليه تغيير في سلوك الإنسان، ويترتب عليه تغيير في واقع الأمة بأكملها؛ لأننا نملك قناعة فعلاً بأن هذه الأمة أمة عقدية، ومتى ما تخلت عن هذه الميزة فليس لها قيمة، فهي أمة عقدية. إذاً لا بد أن ينطلق التغيير من الإنسان، الإنسان يجب أن يكون منطلقاً لهذا التغيير. يتساءل البعض عن عقبات وأوضاع كثيرة موجودة في واقع الأمة، وكيف تغييرها، فنقول: هذه العقبات مرتبطة بأشخاص، وأفراد الأمة، والقرآن الكريم واضح كل الوضوح في الترابط الكامل بين جميع طبقات الأمة، الترابط -مثلاً- بين الآباء والأبناء، الترابط بين العالم والمتعلم، الترابط بين الرجل والمرأة، الترابط بين الحاكم والمحكوم، الترابط بين كل فئات المجتمع، هذه قضية ثابتة في الشرع.خذ -على سبيل المثال- قول الله عز وجل: (( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[الأنعام:129]، نولي: نجعلهم أولياء، والولاية في أصل اللغة العربية معناها: أن شيئاً يلي شيئاً، يعني: قريباً منه، مقترباً منه، موالياً له.إذاً هذا المجتمع الذي بعضه يوالي بعضاً، كبيره يوالي صغيره، حاكمه ومحكومه، الرجل والمرأة، العالم والمتعلم، الجميع -هذا المجتمع- بينهم قاسم مشترك عام، هو روح تسري في هذه الأمة، فمتى ما أمكن تغيير الفرد، وبدأ تغيير الفرد بداية صحيحة، معنى ذلك أن هذه الأمة ستتغير لا محالة، وأن مقتضى عدل الله عز وجل أن الله تعالى يولي بعض الظالمين بعضاً، وكذلك يولي بعض الصالحين بعضاً، فيوم كان الناس -مثلاً- في مثل حال عثمان، وعلي، وعمر، والزبير، وطلحة، كان على رأسهم مثل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، ولما تردت أوضاع الناس، تردت أوضاعهم على كافة المستويات، على مستوى العالم، على مستوى المتعلم، على مستوى الحاكم، على مستوى المحكوم، على مستوى الرجل، على مستوى المرأة.ومن الملاحظ أن الأمة من ضمن ما تعيشه من آفات وعلل وأمراض: أنها دائماً تسعى وتحاول أن تلقي بالمسئولية على الآخرين، من ضمن ذلك: أن الناس يلقون بالمسئولية على أي جهة، يمكن أن تتحمل الوزر عنهم -في زعمهم مثلاً-، فتجد العامة يلومون العلماء، وقد تجد من العلماء من يلوم العامة، وقد تجد من الرعايا من يلومون حكامهم، وقد تجد الحكام يلومون رعاياهم، يعني هناك روح التلاوم الكبيرة، ولا شك أن نسبة الخطأ تتفاوت، ليست المسئولية واحدة، لكن من حيث مبدأ التغيير والإصلاح، إذا تصور أحد أن القضية إصلاح العالم فقط، أو إصلاح الحاكم فقط، أو إصلاح المرأة فقط، يكون مخطئاً، لا بد من إصلاح المجتمع بأكمله؛ وبالتالي -المجتمع عبارة عن أفراد- لا بد من إصلاح الإنسان، والتركيز على الإنسان، في بنائه، في عقيدته، في تصحيح نظرته؛ لأن العقيدة منطلق لكل التصرفات، فتصحيح العقيدة يتبعه تصحيح كل تصرفات الإنسان.الكلام في هذه القضية لا شك أنه يطول، بل إني أعرف أن هناك رسائل ماجستير ودكتوراه في مثل هذا الموضوع، لكن هذا -على الأقل- نظرة عابرة تتناسب مع ضيق الوقت. التالي الأدب والأدباء على طريق الدعوة السابق من خطط الأعداء في تفريق الأمة الإسلامية على طريق الدعوة مواضيع ذات صلة واجب الشباب تجاه واقعهم المعاصر القرآن الكريم والتغيير اختلاف موسى وهارون عليهما السلام مشروع النهضة لا يعني الكمال المطلق التغيير تراكمي مبني على أسس وأولويات