ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›أيكم أحسن عملاً›وقفة مع قوله تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) وقفة مع قوله تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الأحد 15 جمادى الأولى 1438هـ طباعة د. سلمان العودة 1060 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص في هذه السورة الكريمة آية دائماً ما أتوقف عندها، وهي قوله تعالى: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ))[الملك:2]، فبين سبحانه أن سر النجاح هو الإحسان. حقيقة الإحسان في العمل الإحسان معناه التجويد، معناه أن الإنسان يقوم بالعمل على أفضل وجه مستطاع، وهو يشعر بأن الله يراقبه؛ لأن الإنسان لما يشعر بأن الإدارة تراقبه، يبدع في العمل ولكن قد يجد غفلة، إنما إذا شعر بأن الله يراقبه يكون عمله متقناً، حتى لو كان يستطيع أن يتخلص من المسئولية، فهنا سر ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا))[الملك:2].الإحسان في العمل يبدأ من نقطة الصفر إلى النهاية؛ بمعنى أنه لما يكون الإنسان يتناول طعاماً -على سبيل المثال- ليس إحسان العمل هو أنه إذا دخلت المطعم وجدت أنه والله الطعام ممتاز ولذيذ، هذا لا يعني إحسان العمل أبداً، وإن كان من إحسان العمل؛ وإنما إحسان العمل أنك لو قُدّر لك أن تكون موظفاً مثلاً، في جهة رقابية على هذا المطعم، ذهبت ووجدت أنهم من يوم يذهبون لشراء الأطعمة والخضروات والفواكه من السوق ينتقون أفضل الأشياء، ثم يقومون بغسلها بطريقة ممتازة ونظيفة، لا تمسها الأيدي، ثم عملية الطبخ ذاتها عملية متقنة ومدروسة، ثم عملية توزيع الطعام، ثم المكان والطاولة، وكل التفاصيل، وأدق التفاصيل، وأتفه التفاصيل، كلها تخضع لرقابة وإتقان، من الألف إلى الياء، هذا معنى إحسان العمل.عندنا أحياناً في أمثلتنا الشعبية مثل يقول: (ما لك إلا ولداً يقرأ!)، هذا المثل معناه أنه لا تسألني عن التفاصيل، إنما لك النتيجة فقط، يعني: أعطني ولدك أعلمه، لكن لا تسألني كيف أعلمه، المهم أن تنظر إلى النتيجة، وتجد أن الولد أصبح قادراً على القراءة، (ما لك إلا ولداً يقرأ!). هذا يتناقض مع إتقان العمل، إتقان العمل يجعل من حقي كأب أن أعرف تفاصيل العملية التعليمية كلها، والقائمين على التعليم، وطريقة التعامل مع الولد، والمقرر الدراسي، والناحية النفسية، والناحية العقلية، والناحية الأخلاقية. نظام الجودة وإتقان العمل في المجتمعات الغربية هذا الذي يسمى اليوم في العصر الحاضر نظام الجودة الشامل، وهو نظام عالمي تتنافس فيه الحضارات المسيطرة اليوم؛ الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وكل واحدة تبدع طريقة في الاكتشاف والمعرفة والإتقان أفضل من الأخرى، حتى أصبح هناك حالة أشبه ما تكون في نظرنا أحياناً نظن أنها نوع من الوسوسة، وهي في الواقع نوع من المنافسة والمسابقة والضبط، وحتى لو لم يكن عليهم رقابة، تدربوا على هذه الأشياء، وأصبحت من شخصياتهم، أصبح الإنسان يشعر بالراحة والانسجام؛ لأنه أدى عمله على الوجه المطلوب، ويحس بالنجاح، وينال المكافأة من إدارته، والثناء من مؤسسته أو من مجتمعه. نظام الجودة وإتقان العمل في الواقع الإسلامي بينما واقعنا الإسلامي الذي تصدح مآذنه بالتكبير والأذان، وتصدح محاريبه بتلاوة آيات الله الكريمة؛ بعيد كل البعد عن تطبيق نظام الجودة الشامل في كل الأشياء، وحينما تجد نجاحاً في مؤسسة من المؤسسات، ربما تأتي إلى هذا البلد فيقال لك مثلاً: إن هذه المؤسسة مؤسسة ناجحة وممتازة ومتفوقة، فإذا بحثت وجدت أن السر -والله أعلم- أن في هذه المؤسسة شخصاً واحداً أو مجموعة قليلة من الأشخاص، اجتهدوا وبذلوا وضحوا وتحملوا أكثر مما يجب؛ حتى حققوا النجاح، لكن لا تجد نظام الجودة الشامل إلا قليلاً. مجالات الإحسان ودلالة لفظ (عملاً) في الآية فهنا الآية الكريمة: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ))[الملك:2]، لم يقل: أيكم أكثر! وإنما قال: ((أَحْسَنُ))، ثم قال سبحانه: ((أَحْسَنُ عَمَلًا))، بمعنى أن أي عمل هو عرضة للامتحان، فهذا (عمل) نكرة، يعني: عمل من الأعمال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روته عائشة وسنده جيد: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، قد يكون هذا العمل كتاباً تؤلفه، وقد يكون هذا العمل وظيفة تقوم بها في مواجهة الجمهور، وقد يكون هذا العمل حراسة أو رقابة، وقد يكون هذا العمل صناعة أو منتجاً تقدمه للناس، وقد يكون هذا العمل من باب أولى عبادة تتعبد الله تبارك وتعالى بها، فهنا ليست العبرة مثلاً بطول العبادة أو بكثرة العبادة؛ وإنما العبرة بإحسان العمل، بإتقان العمل. التالي إحسان العمل في العبادة.. (السجود أنموذجاً) أيكم أحسن عملاً السابق فضل سورة الملك وبيان تسميتها أيكم أحسن عملاً مواضيع ذات صلة نظام الجودة وإتقان العمل في الواقع الإسلامي إشراقات في قوله تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً...) معنى قوله تعالى (قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين) معنى قوله تعالى (إنه بكل شيء بصير) إشراقات في قوله تعالى: (قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون)