الرئيسة ›محاضرات›كيف نتحرر من الأوهام›مقارنة بين الحرمان الدنيوي والحرمان الأخروي مقارنة بين الحرمان الدنيوي والحرمان الأخروي الاثنين 4 ربيع الآخر 1411هـ طباعة قراءة المادة كاملة د. سلمان العودة 304 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص في مقابل قضية اللذات الدنيوية مع لذات الآخرة قارن العكس: المصائب الدنيوية أو الحرمان الدنيوي مع حرمان الآخرة.بعض الصالحين بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ لما ذكرت عنده النار بكى، فقيل: لِمَ تبكي؟ قال: والله لو أخبرني الله عز وجل أنه سوف يسجنني في حمام لكان هذا أمراً عظيماً، فكيف وقد أخبرت أنني إن عصيت فسوف أسجن في النار؟! وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه، وكذلك في صحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، عما أعد الله تعالى لأهل النار فيها، من الأمور التي يطول العجب منها، وأعظم ذلك: حرمانهم من رؤية الله تعالى، والجنة، والخير، وإقامتهم الدائمة الأبدية في هذا العذاب الذي لا ينقطع. جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الموت يكون يوم القيامة في صورة كبشٍ أملح بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون: نعم، نعرفه، هذا الموت، ويقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، نعرفه، هذا الموت، فيذبح في قنطرة بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة، لا موت، ويا أهل النار، لا موت، كلٌّ خالد فيما هو فيه، فيزداد أهل الجنة سروراً إلى سرورهم، ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم ).لاحظ: يقول الله عز وجل -مثلاً- في قضية الجهاد: (( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[التوبة:81-82]، (( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا ))[التوبة:81] إلى قوله: (( لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ))[التوبة:81]، ما هو الجواب؟ (( قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ))[التوبة:82]. إذاً هل قارن هؤلاء بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة؟ هم فعلاً تخلصوا من الحر، ما خرجوا في الغزو؛ فسلموا، جلسوا تحت المكيفات، وفي الظل الظليل، وفي الهواء البارد، في مزارعهم، وثمارهم، ما خرجوا في الحر، سلموا من هذا الخطر القريب الصغير، وهو خطر الحر الدنيوي، لكنهم وقعوا في الحر الأعظم، وهو نار جهنم: (( قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ))[التوبة:82]، فلو كان عندهم فقهٌ، وعقلٌ، وعلم، لتحملوا الحر الدنيوي، في سبيل النجاة من الحر الأخروي.وكذلك نجد الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر، لما ذكر المرور بين يدي المصلي، الذي يمر بين يدي المصلي، قال: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه -يعني: من الإثم- لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه )، يعني: أنت تمر بين يدي المصلي الآن، قطعت صلاته، مررت بين يديه، لماذا مررت بين يديه؟! تقول: أنا مستعجل، ما أستطيع أنتظر حتى ينتهي من الصلاة، فيقول لك الرسول عليه الصلاة والسلام: لو تعلم العقوبة لكان أن تنتظر أربعين سنة واقفاً خيراً لك من أن تمر بين يديه، لكن الإنسان غفل عن العذاب الأخروي، وفطن للعذاب الدنيوي، وهو تأخره عن عمله، أو طول انتظاره، أو وقوفه في الشمس؛ فاختلت الموازين عنده.لعل من الأشياء التي يكثر الناس من الحديث عنها اليوم قضية الأسلحة الكيماوية، وقد أصبحت خطراً، يمكن كثير منا أول مرة يسمع بهذا الكلام في مناسبة الأحداث الأخيرة، أن هناك أسلحة كيماوية كثير من الناس لأول مرة يعرفونها، أو يسمعون بها، أو يسمعون الحديث عن خطرها، وآثارها المدمرة، فأصبحت شبحاً مزعجاً لكثيرٍ من الناس، حتى أصبحت بعض النصائح والتوصيات تقول للناس: لا فائدة، لا تحاول، لا بد من الموت، عليك الاستسلام والانتظار حتى يأتيك الموت.هذا الخطر كبر في عيون الناس، وربما قد يمنع بعض الناس -مثلاً- عن الجهاد في سبيل الله.افترض أنه كان هناك جهاد في سبيل الله، فأراد أن يجاهد وخشي من هذه الأشياء، قد لا يجاهد في سبيل الله، لماذا؟ خائف. طيب، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وهو حديث صحيح- يقول صلى الله عليه وسلم: ( لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم )، يعني: دخان جهنم لا شك أنه لا يقارن بأسلحة الدنيا، مهما كان الأمر، لا مقارنة بينها، فإذا أردت النجاة من هذا الدخان في جهنم، فعليك أن تبتغي الموت أو القتل مظانه، وأن تسعى إلى أن تعفر وجهك وأنفك بالغبار في سبيل الله عز وجل، وإن ترتب على ذلك مفاسد لك بالنسبة للدنيا، من مرض، أو موت، أو ما أشبه ذلك، فهذه -في الحقيقة- مصلحة، وليست مفسدة.أنا تحدثت لكم الآن عن السبيل إلى التخلص من وهم الفوت -وهم الخوف من فوات المصالح الدنيوية-، فذكرت أولاً: تصور هذه الأشياء على حقيقتها، ثم ذكرت معرفة أن قدر الله كائن، ثم ذكرت سعة النظرة، بحيث ينظر الإنسان إلى الدنيا وإلى الآخرة معاً. معرفة أن النقص مركب في الدنيا التالي وهم انتظار المحنة كيف نتحرر من الأوهام السابق وهم الفوت كيف نتحرر من الأوهام مواضيع ذات صلة الزهد في حياة السلف اجتماع الحزن مع الرضا أكمل معاني الصبر الحياة بناء الإيمان شرط لدخول الجنة السنن الربانية في النصر والتفوق الدنيوي