ÇáÑÆíÓÉ ›محاضرات›دروس ووقفات تربوية من السنة...›عناية كتب السنة بالعقيدة والعمل عناية كتب السنة بالعقيدة والعمل السبت 10 صفر 1413هـ طباعة د. سلمان العودة 863 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص الوقفة السابعة: العقيدة والعمل.يظن البعض أنه يكفيه أن يتكلم عن صلاح الأعمال، وربما اتصل بي أناس فقالوا لي: نحن مقصرون في الصلاة، نتركها أحياناً، ونصلي أحياناً، ولكننا بحمد الله نملك قلوباً سليمة.عجيب هذا المقياس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، والحديث في الصحيحين، فبين أن صلاح القلب يتبعه صلاح الأعضاء والجوارح، فإذا صلح القلب صلحت العين، فلا ترى إلا ما أحل الله، والأذن فلا تسمع إلا ما أحل الله، واليد فلا تأخذ إلا الحلال، والرجل فلا تمشي إلا إلى حلال، وصلح الجسد كله، وإذا فسد القلب فسد الجسد كله. إذاً: الظاهر والباطن ليس بينهما فاصل في الإسلام أبداً، بل الظاهر دليلٌ على الباطن، وصلاح الظاهر دليلٌ على صلاح الباطن، وصلاح الباطن يتبعه صلاح الظاهر.وقد لفت نظري جيداً تبويب الإمام البخاري في صحيحه حينما قال: "كتاب الإيمان"، والإيمان بلا شك يتعلق بالعقيدة، فلننظر ما هي الأبواب التي أدرجها تحت هذا الكتاب كتاب الإيمان؟أبواب كلها تتعلق بتهذيب النفس، وترقيق الأخلاق، والحث على مكارم الأخلاق، وعلى معالي الأمور، وعلى الأعمال الصالحة، وخوف الإنسان على نفسه من أن يحبط عمله، وهو لا يشعر.إذاً: [ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل ] كما قال الحسن البصري رحمه الله، ويروى حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لا يصح.الكثيرون يخدعهم الشيطان، فيظنون أنهم حراس الدين، وأنهم الذين يحمون الملة، فيشتغلون بالناس عن أنفسهم، ويظن الواحد منهم أنه ينبغي أن يرد على فلان، ويتكلم في حق علان، ويشتم هذا، ويسب ذاك، وينتقص هذا، وهذا هو ما يظن أنه يدل على صحة الإيمان، وصحة الدين، وصحة العقيدة، وربما غفل هذا الإنسان عن نفسه، أو عن الأعمال الصالحة، أو عن تحقيق الإيمان في قلبه، فلننظر كيف بوب البخاري بعد كتاب الإيمان، هذه بعض أبوابه: باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، هذا من الإيمان. باب من الإيمان إطعام الطعام، باب لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، باب من الإيمان حب الأنصار، باب من الدين الفرار من الفتن، باب الحياء من الإيمان، إفشاء السلام من الإيمان، قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، الجهاد من الإيمان، الصوم من الإيمان، الصلاة من الإيمان، الزكاة من الإيمان، باب الدين يسر، باب إذا حسن إسلام المرء، باب اتباع الجنائز من الإيمان، خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، أداء الخمس، النية، النصيحة.هذه أبواب، كلها أبواب عملية توجهك إلى القول الحسن، وإلى الفعل الحسن، وإلى النية الحسنة، وتبين لك ماذا يكون به الإيمان، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل الإيمان دعوى في القلب، أو في اللسان أبداً، ولكن جعل الأعمال هي التي تدل على صدق الإيمان، فإذا رأينا الإنسان يعتاد المساجد، ويصلي فيها، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويغار لدين الله تعالى، ويتجنب المحرمات، ويصل رحمه، ويحسن إلى الناس، ويقوم الليل، ويصوم رمضان، ويؤدي الزكاة، ويحب المؤمنين ويواليهم .. إلى غير ذلك، عرفنا أن هذا الإنسان مؤمن، أما مجرد الدعوى فكما قيل: والدعاوى ما لم يقيموا عليها بيناتٍ أصحابها أدعياء ومن هذا الباب أيضاً "كتاب العلم"، فالعلم في نظر الكثيرين اليوم مجرد حلقات يحضرها الإنسان، أو أشرطة يستمع إليها، أو كتب يقرؤها أو حتى يحفظها ويستظهرها، ثم يتزين بها في المجالس، ويمارس بها نوعاً من إظهار القوة على الآخرين أحياناً، إذا لم يصاحب العلم نية صالحة واحتساب لوجه الله عز وجل. ولكن الواقع الذي يدل عليه الحديث النبوي الشريف: أن العلم ليس زينةً في المجالس، وليس مفاخرة ومباهاة، بل هو سلوك وسمت وخلق ودين قبل ذلك كله؛ ولذلك كان كتاب العلم في البخاري جله يتعلق بالأدب: أدب الجلوس للتعلم، وأدب السؤال (سؤال العالم)، وأدب الاستئذان، وأدب المراجعة والتصحيح، وأدب السمر، وأدب الحياء في طلب العلم، ووسائل الحرص على التعلم.. إلى غير ذلك مما يتعلق بآداب الإنسان وهو يطلب العلم. ومثله أيضاً في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخاري، تجد أبواباً تتعلق بالاعتصام بالسنة وبالقرآن، لكنها مثلاً تأتي بالشكل التالي: باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع. إذاً: العلم وسيلة إلى محبة الله وعبادته ومعرفته وطلب ما عنده، فلا داعي للتعمق والمبالغة والتنازع والغلو والبدع؛ لأن هذه كلها تباعد عن الله ولا تقرب إليه.باب: لا تزال طائفة من أمتي..، هؤلاء هم العلماء العاملون المتمسكون بالسنة الداعون الناس إليها، هم الطائفة المنصورة التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم.باب: قوله تعالى: ((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ))[الأنعام:65]، فيشير إلى التفرق والتنازع الحاصل في هذه الأمة، وأن هذا سوف يقع، وقد يكون هذا التنازع أحياناً بين العلماء، أو بين طلبة العلم، أو بين الدعاة إلى الله عز وجل، وهو في كل حال مذموم، وإن كان النص أخبر بوجوده، فوجوده ليس دليلاً على مشروعيته؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن هذه الأمة ستتبع سنن من كان قبلها مع أن هذا الأمر محرم، فليس الإخبار بأمرٍ قدري دليلاً على جوازه أو حله.باب: ((وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً))[الكهف:54]، المجادلة في العلم، لا تجعل العلم ذريعة للجدل والقيل والقال، وأن تُباري به العلماء، أو تُمارِي به السفهاء، أو تصرف به وجوه الناس إليك.باب: إذا اجتهد الحاكم فأخطأ، إذا كنت من طلبة العلم، ومن المتبعين للسنة والحريصين على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تلم الناس إن اجتهدوا فأخطئوا، أو زلت بهم قدم، أو زلت منهم كلمة، أو أخطئوا في قول أو في فعل، أو في اجتهاد، فإن (الإنسان إذا اجتهد فأخطأ، له أجر واحد، فإن اجتهد فأصاب فله أجران)، كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه. باب كراهية الخلاف. إذاً: الخلاف مكروه مذموم، وينبغي للإنسان أن يحرص على تجنبه، وعلى جمع الكلمة ووحدة القلوب بقدر ما يستطاع، وهذا من أفضل وأعظم ما دعا إليه الشرع، وهو من المبادئ والأسس الكبار، والأصول العظيمة التي يغفل عنها الناس، ويتفطنون إلى جزئيات تتعلق بها، وهم يتعلقون بها أيضاً ويتمسكون.ولذلك تجد العلماء في كتب الحديث كثيراً ما يبوب أحدهم: (باب: هل يجوز كذا؟) إشارة إلى أنه ما جزم في المسألة، ما قال: لا يجوز كذا أو يجوز، قال: هل يجوز؟ فطرحها على شكل سؤال دليلاً على أن عند الرجل تردداً، هل يجوز أو لا يجوز؟! لأن الأدلة عنده محل نظرٍ وتنازع، أو يقول: (باب: الرخصة في كذا)، أو يقول: (باب: ذكر كذا وكذا)، دليلاً على أنه لم يتبين له فيه رأي أحياناً، فهو ذكره دون أن يجزم فيه بشيء نظراً لتنازع الأدلة واختلاف مآخذها. التالي عناية كتب السنة بالتفسير دروس ووقفات تربوية من السنة النبوية السابق عناية كتب السنة بالزينة والمظهر دروس ووقفات تربوية من السنة النبوية مواضيع ذات صلة الكرامات وخوارق العادات رفض النبي صلى الله عليه وسلم لعرض المشركين كان قاطعاً منذ البداية حكم وضع القباب في البيوت نصيحة لمريد فهم الكتاب والسنة على المنهج الصحيح حكم بناء القباب في المنازل