ÇáÑÆíÓÉ المقالات1433 هـالست من شوال (2/2)

الست من شوال (2/2)

استحب بعض الفقهاء صوم الست من أول شهر شوال متتابعة، وهو مذهب الشافعي، وقول ابن المبارك.
ومنهم من لم يفرق بين التتابع والتفريق من الشهر كله، وقال: هما سواء، وهو مذهب الإمام أحمد، وقول وكيع.
وقيل: لا تصام عقب الفطر مباشرة؛ لأنها أيام توسعة وأكل وشرب، وإنما يصام ثلاثة قبل أيام البيض وأيام البيض أو بعدها، وإليه ذهب معمر وعبد الرزاق.
والأمر في ذلك واسع ولا تثريب على من فعل أياً من ذلك.
صيام الست لمن عليه قضاء
ظاهر الحديث أنه لا يستحق هذا الوصف ويتحصل على الأجر إلا من أكمل رمضان، والذي عليه قضاء لا يكون مكملاً لرمضان.
والأقرب أن فضيلتها حاصلة لمن أفطر رمضان بعذر.
أن صيام الست له خصوصية وقضاء رمضان موسع فيه، ولا يجب أداؤه في شوال خاصة: (( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ))[البقرة:184] والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي قال: ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال... )، وهو يعلم أن ذمم كثير من الناس قد تكون مشغولة بالقضاء، ومع ذلك لم يشترط في الحديث بأن يقضي أولاً ما عليه.
وعلى هذا فمن كانت ذمته مشغولة بقضاء أيام أفطرها بعذر من رمضان يتسع لها شوال مع صيام الست؛ فهذا يستعين الله، ويشمر ويقضي ما عليه، ثم يصوم الست، إبراء لذمته وتحصيلاً للأجر.
ومن كانت ذمته مشغولة بقضاء أيام أفطرها لعذر، ولا يتسع شوال لصيامها مع الست، فهذا ممن حبسه العذر، فيصوم الست أولاً تحصيلاً لفضلها، ثم يقضي؛ فإنه لم يفطر رمضان إلا لعذر، والأدلة كثيرة على تحصيل المعذور للأجر الكامل طالما حبسه عذر كما في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: ( إن بـالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله وهم بـالمدينة؟ قال: وهم بـالمدينة، حبسهم العذر ).
ويتجه أن يكون صوم الست قبل القضاء للمعذور وغير المعذور لأن قوله عليه السلام من صام رمضان يشمل من صامه فعلاً، ومن نوى صيامه قضاء وكان أفطره لمرض أو سفر.
صيام الست في غير شوال
صيام الست له اختصاص بشوال من طريقين:
أحدهما: أن المراد به الرفق بالمكلف؛ لأنه حديث عهد بالصوم فيكون أسهل عليه، ففي ذكر شوال تنبيه على أن صومها في غيره أفضل، هذا الذي حكاه القرافي من المالكية وهو غريب عجيب.
الثاني: أن المقصود به المبادرة بالعمل وانتهاز الفرصة خشية الفوات، قال تعالى: (( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ))[البقرة:148]، وقال: (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ))[آل عمران:133].
وبعض الناس إذا صام الست من شوال في السنة يظن أنه يجب عليه الصيام في كل سنة، وهذا غير صحيح فالأمر بالخيار وفي الأثر: [ الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ] رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أم هانئ.
هناك أحاديث في الباب مشتهرة لا تصح منها:
( من صام رمضان وشوالاً والأربعاء والخميس دخل الجنة ). رواه أحمد وفيه: ( من لم يسم ).
( من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ). رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف.
اللهم تقبل منا صومنا وقيامنا إنك أنت السميع العليم، اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اهدنا إلى سواء السبيل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه اللهم ارزقنا فيه الخير.