ÇáÑÆíÓÉ ›دروس›إشراقات قرآنية›سورة الجاثية›مقدمة في سورة الجاثية مقدمة في سورة الجاثية الخميس 2 جمادى الأولى 1437هـ طباعة د. سلمان العودة 1644 متابعة النص إلغاء متابعة النص الأنتقال الى النص حياكم الله.بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين.هذه ليلة الجمعة الثالث من شهر الله المحرم من سنة ألف وأربعمائة وخمسة وثلاثون، صحيح؟ مداخلة: ...الشيخ: نعم ما شاء الله، وعام جديد، وبارك الله فيه وفيكم ولكم وعليكم ومنكم، وجعله عام خير وبركة لنا وللمسلمين جميعاً، وإن شاء الله فأل حسن أن تبدأ هذه الجلسة في مطلع هذا العام وهذا الشهر، تعرفون أنه أنا عندي دروس (إشراقات قرآنية) عملتها في القصيم، وفي الرياض، وفي المدينة، وفي جدة، والحمد لله وصلنا إلى جزء الأحقاف، يعني: بدأنا من سورة الناس، ولا زلت مواصلاً، فالليلة إن شاء الله عندنا سورة الجاثية، وغداً سيكون عندنا سورة الدخان، وصراحةً لا يستكثر الوقت الذي يبذل في القرآن الكريم؛ لأن القرآن مصدر للهدى والنور والسعادة والعلم والمعرفة، وأنا أرى الناس كثيراً ما ينشغلون بعلوم وألوان شتى في الحياة، ولا تلومهم ما دام هذا في دائرة الخير والمصلحة والمباح، ولكن تستغرب من الإعراض عن القرآن الكريم والذي هو مصدر لكل معرفة ولكل خير.سورة الجاثية هي واحدة من مجموعة، أنتم تعبرون (قربات) حين المجموعة تسمونها (قربات)، فمجموعات في القرآن الكريم مثل (آل حم)، والشيء العجيب أن الصحابة كانوا يسمونها (آل) كما قال ابن مسعود رضي الله عنه يقول: [ إذا مررت بـ (آل حم) فإنما مررت بروضات دمثات أتأنق فيهن ]، روضات دمثات يتأنق يعني: يتفهم ويتأمل ويتدبر، فسماها (آل) يعني: كأنها عائلة، وفعلاً كلها هذه السور كم عددها؟ آل حم كم عدد سورها؟ كم؟ مداخلة: سبع.الشيخ: سبع، التي هي؟ مداخلة: غافر.الشيخ: غافر. مداخلة: فصلت.الشيخ: فصلت. مداخلة: الشورى.الشيخ: الشورى. مداخلة: الزخرف.الشيخ: الزخرف. مداخلة: الدخان.الشيخ: الدخان. مداخلة: الجاثية.الشيخ: الجاثية. مداخلة: الأحقاف.الشيخ: الأحقاف. سبع سور، وكلها مبدوءة بـ (حم)، طبعاً لما نقول: آل حم، هنا كأنك تتكلم عن شيء حي، وفعلاً القرآن حي وهو حياة، الله سبحانه وتعالى سماه روحاً، (( أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ))[الشورى:52] ، ليس حياً فقط، بل يحيي به الله سبحانه وتعالى القلوب الميتة، فالله تعالى يحيي به قلوب من يشاء من عباده بسطوع أنوار النبوة، والعلم الإلهي على قلوب المختارين من الصفوة، فالقرآن فيه حياة، وهو حياة، وهو حي، وفيه أيضاً الروح كما قلنا التي هي الروح المعنوية. الحروف المقطعة فالله سبحانه وتعالى يستفتح هذه السور السبع بهذين الحرفين (حم)، وهي دائماً ما نلغز للشباب نقول لهم: هناك كلمة تكتب حرفين وتنطق خمسة أحرف، ما هي؟ تطلع هي مثل حم، أو يس، أو ما أشبه ذلك، فالله سبحانه وتعالى بدأ بهذه الحروف التي يسمونها الحروف المقطعة في أوائل السور، وهي من الأسرار المعجزة في القرآن، وكلام العلماء حولها كثير جداً، ربما قلت كثيراً منه في تفسير سورة الأحقاف، ولكن لا بأس أن أشير إشارة عابرة إلى المزيد منه، فإن هذه الحروف المقطعة لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح شيء في تفسيرها، ولكن ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فيها أقوال كثيرة، وجاء في بعض الروايات عن اليهود أنهم لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الحروف، اعتبروا أن هذا تحديد لعمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فبدءوا يحسبونها بحسب حروف الحساب الموجودة عندهم، فوجدوها مرة تسعين سنة، ومرة مائة وستين، ومرة.. حتى التبس الأمر عليهم وقالوا: لا ندري ماذا نقول، ثم قال بعضهم لبعض: لعل هذا كله مما أعطاه الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا أيضاً ليس ظاهراً، ليس واضحاً، وإنما هو نوع من التلمس، وليس من العلم الرباني الذي أعطاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه من علم أهل الكتاب.فلذلك أقول: يمكن أن يكون هناك مع الالتزام، باعتبار هذا أقرب أن يكون من المتشابه الذي ينبغي على الإنسان ألا يخوض فيه إلا بعلم، إلا أنه نجد أن فيه لفتات جميلة، مثلاً الزمخشري ذكر قضية أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور أنها في تسع وعشرين سورة، يعني: بعدد حروف المعجم، وذكر أنها أربعة عشر حرفاً، يعني: نصف حروف المعجم، وبدأ يعني يحاول أن يقول: أن كل نوع من الحروف يوجد نصفه في هذه الحروف، بعضهم التمس أن الحروف الموجودة في صدر السورة غالباً ما تتكرر في السورة أكثر من غيرها، وهذا يحتاج إلى تأمل وتأكد، هناك معنى وجدته لا بأس به وإن لم يكن بالشيء.. بس فيه طرافة، أن هذه الحروف لو جمعت يتكون منها معنى، وهذا ما روي عن ابن عباس ، ابن عباس كان يقول مثلاً: (الر) هذه يعتبرها (الر) ثم يضع معها (حم)، ثم يضع معها (ن) التي هي صدر سورة القلم، مجموعة يطلع ماذا؟ الرحمن، فتكون هذه الحروف كأنها تعبير عن بعض أسماء الله الحسنى، وهذا جاء عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، الطريف أنه لما تجمع هذه الحروف المقطعة التي هي (الم) (ح) (كهيعص) (ر).. إلى آخره، يطلع من مجموع الحروف كيفما تصرفت فيها يطلع منها جمل مفيدة، مثلاً الزمخشري استخرج منها كلمة نص حكيم قاطع له سر، نص حكيم يعني: القرآن الكريم، نص حكيم قاطع له سر، فيه أسرار عظيمة، بعضهم استخرجوا مثل ما في الجزرية أيضاً قضية صله سحيراً من قطعك، من قطعك صله سحيراً، يعني: أن أصل من قطعني، أو سر حصين قطع كلامه أيضاً، صن سراً يقطعك حمله، ألم يسطع نور حق كره؟ نور الحق وإن كرهه الناس إلا أنه ظاهر وأخيراً طرق سمعك النصيحة، وكذلك صح طريقك مع السنة، كل هذه المعاني وهي معاني -كما قلت- ألفاظ جميلة تستخرج من التصرف بالحروف المقطعة في أوائل السور، أظن أن الإنسان وإن كان يقف عند حد النص الوارد ولا يتجاوزه بما لا علم له به إلا أنه يمكن أن يكون هناك نوع من الاستطراف في بعض هذه المعاني. التعريف باسم سورة الجاثية السورة التي نحن بصددها الآن من مجموعة (آل حم) كما قلت: هي سورة الجاثية، وهذه السورة لها عدة أسماء أشهرها كما في المصاحف وكما في صحيح البخاري سورة الجاثية، أو سورة حم الجاثية بالإضافة، وسميت بذلك لذكر الله تعالى هذا اللفظ فيها: (( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا ))[الجاثية:28]، فمع أن اللفظ في السورة نكرة (جاثية) لكن السورة سورة الجاثية، و(أل) التعريف هنا من أجل أن تكون مناسب أن تكون عنواناً أو تعريفاً للسورة ليس أكثر، فهذا هو الاسم المشهور، وهو يخصها؛ لأن لفظ جاثية لم يرد في القرآن إلا في هذه السورة.بعضهم سماها سورة الشريعة، وهذا جاء في الدر المنثور عن بعض السلف؛ وذلك لأن الله تعالى قال: (( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا ))[الجاثية:18]، وأيضاً هذا اللفظ بهذه الصيغة لم يرد، زد على ذلك أن بعضهم سمى هذه السورة سورة الدهر، لماذا؟ لقوله تعالى: (( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ))[الجاثية:24]، فسميت سورة الدهر، ولكن هذا يشكل عليه أنها تلتبس مع سورة أخرى في القرآن الكريم وهي سورة الإنسان، (( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ))[الإنسان:1]، فهذا ما يتعلق بالاسم. عدد آياتها أما عدد حروف أو عدد آيات هذه السورة.. طبعاً بعضهم يعد الحروف، ويعد الكلمات، لكن نحن معنيون بعدد الآيات؛ لأنه يختلف، أما عدد الكلمات لا يختلف، الحروف قد يختلف بحسب القراءات، لكن عدد آيات هذه السورة هو سبع وثلاثون آية كما في مصحف المدينة النبوية، وهو أيضاً كلام أهل الكوفة ، أما أهل مكة و المدينة فإنهم يعدونها ستاً وثلاثين آية، وهذا مضطرد في آل حم كلها، هل تعتبر (حم) آية كما هنا مثلاً في المصاحف الموجودة عندنا (حم) آية، أو تعتبر ليست آية وإنما هي متصلة بما بعدها، فينقص عدد السور كلها في حم ينقص آيةً. بيان كون سورة الجاثية مكية أو مدنية هل السورة مكية أو مدنية؟ ذكر ابن عطية وغيره إجماع العلماء على أن السورة مكية نزلت بـمكة ، وهذا واضح جداً؛ فإن موضوعات السورة هي موضوعات السور المكية من الحديث عن الكون، والآيات، والحجج، والمجادلة مع المشركين ومع الوثنيين، ومع منكري الوحي، ومنكري البعث أيضاً، وهذه موضوعات القرآن المكي، ولكن قال بعضهم: إن في هذه السورة آية واحدة مدنية وهي قوله تعالى: (( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[الجاثية:14]، والعجيب أنه نقل عن ابن عباس أن هذه الآية مدنية، وسوف آتي عند ذكرها إلى سبب نزولها، ولكن يستغرب أن تكون هذه الآية مدنية مع أنها هي الآية الوحيدة التي قيل عنها: إنها نسخت في السورة، فهذا مما يستغرب؛ لأن النسخ للمكي بالمدني متوقع، لكن نسخ الآية المدنية بسورة مكية هذا شيء غريب مما يدل على ضعف هذا القول؛ لأن المدني متأخر عن المكي، فهذا ما يتعلق أيضاً بمكية السورة. موضوع سورة الجاثية أما موضوع السورة فسبحان الله السورة موضوعها الأساسي والجوهر الذي تدور حوله ينتظم آياتها كلها هو الحديث عن العلم، سواءً كان هذا العلم هو العلم الرباني عن طريق الوحي، أو كان هو العلم الدنيوي الذي يستكشف ما أودع الله تعالى في الكون من أسرار، ثم الحديث عن موقف الناس من هذا العلم ممن قد يتعلمون هذا العلم، ويقبلونه، ويؤمنون به، وينتفعون به، أو من يرفضونه ويسخرون منه. والسورة توحي بأن العلم الرباني والعلم الكوني أنه في الأصل واحد، وطريقه واحد، بمعنى أن الكون يدل على الله، والشريعة أيضاً تأمر بالتعلم والاستفادة مما في الكون، هذا هو الأصل، وحدة المعارف ووحدة العلوم، ولكن الآية والسورة وغيرها تنتقد أن كثيراً من الناس صار عندهم نوع من الانفصال، بحيث أن من الناس من قد يقبل على العلم الأخروي فيعرض عن العلم الدنيوي، أو يقبل على العلم الدنيوي ويعرض عن العلم الأخروي، فهذا هو موضوع السورة كما سوف يتجلى. وفيها أسرار وحكم وشيء الحقيقة عجيب جداً يعني، وما سأقوله الآن ليس إلا ومضات ولمحات مما بقي في الذهن، وإلا فالسورة تحت كل آية وكل كلمة تحتها معنى وسر وإعجاز وشيء عجيب، والله القرآن يهب درره لمن يقبل عليه، ومن يمنحه الوقت، وأيضاً من يمنحه الإقبال، بحيث أنه إذا أردت أن تتدبر القرآن ولو سورة واحدة من القرآن على سبيل التجربة، بإمكانك أن تقرأ كتب التفسير كلها وهي الآن موجودة في المواقع العلمية في النت، تجد كل كتب التفسير، اقرأ مثلاً ولو كانت سورة قصيرة كسورة العصر مثلاً أو الكوثر اقرأها في عشرة تفاسير، هذا لا يأخذ منك إلا بضع ساعات، ولكنه يفتح أمامك آفاق عجيبة. التالي إشراقات في قوله تعالى: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) سورة الجاثية مواضيع ذات صلة معنى (الأفاك) و(الأثيم) في قوله تعالى: (ويل لكل أفاك أثيم) إشراقات في قوله تعالى: (ويل لكل أفاك أثيم) إلى قوله تعالى: (كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم) إشراقات في قوله تعالى: (وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها...) معنى قوله تعالى: (سواء محياهم ومماتهم) المقصود بالشريعة في قوله تعالى: (ثم جعلناك على شريعة)